فصل
[أثر كتمان العلماء للحقائق]
في خاتمة هذا الدليل من كتاب الآيات مرفوعا إلى ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يعذّب الله هذا الخلق إلّا بذنوب العلماء الذين يكتمون الحق من فضل علي وعترته ، ألا وإنه لم يمش فوق الأرض بعد النبيين والمرسلين أفضل من شيعة علي ومحبّيه الذين يظهرون أمره وينشرون فضله ، أولئك تغشاهم الرحمة وتستغفر لهم الملائكة ، والويل كل الويل لمن يكتم فضائله ويكتم أمره ، فما أصبرهم على النار (١).
وذلك حق لأن الكاتم لفضل علي جهلا هالك حيث لا يعرف إمام زمانه ، والكاتم لفضله بغضا منافق لأن طينته خبيثة ، ما أبغضك إلّا منافق شقي عرضت ولا يتك على طينته فأبت فمسخت ، ونودي عليها في عالم المسوخات الخبيثات للخبيثين والخبيثيون للخبيثات ، فلا دين له ولا عبادة له ، والمؤمن الموالي العارف بعلى عابد وإن لم يعبد ، ومحسن وإن أساء ، وناج وإن أذنب ؛ وإليهم الإشارة : (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢) هذا خاص لشيعة علي عليهالسلام لأن الكافر والمنافق لا يستحقان شيئا فلم يبق إلّا المؤمن ، وليس المؤمن إلّا شيعة علي ، فالمكفّر عنهم سيئاتهم بحبّ علي هم شيعته.
دليل ذلك ما رواه ميسر عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال له : ما تقول يا ميسر فيمن لم يعص الله طرفة عين في أمره ونهيه لكنّه ليس منّا ويجعل هذا الأمر في غيرنا؟ قال ميسر : فقلت وما أقول وأنا بحضرتك يا سيدي؟ فقال : هو بالنار ، ثم قال : وما تقول فيمن يدين الله بما تدين ويبرأ من أعدائنا لكن به من الذنوب ما بالناس إلّا أنّه يجتنب الكبائر؟
قال : قلت وما أقول يا سيدي وأنا في حضرتك؟ فقال : إنّه في الجنّة وإن الله قد ذكر ذلك
__________________
(١) الإمام علي عليهالسلام للهمداني : ٣٥.
(٢) الزمر : ٣٥.