أو كما قيل :
حاسد يعنيه حالي |
|
وهو لا يجري ببالي |
قلبه ملآن مني |
|
وفؤادي منه خالي |
وغير ملومين في الإنكار لأنه صعب مستصعب ، لا يحتمله إلّا نبي مرسل أو ملك مقرّب ، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان (١) ، وإذا ردّ المنافق أسرار علي عليهالسلام لبغضه ، وردّها الموافق بجهله بعد ما نقل أنّه صعب مستصعب فإن كان يعلمه فما هو الصعب المستصعب ، وإن لم يعرفه فكيف شهد على نفسه أنّه ليس بمؤمن ممتحن ، فهلّا صمت فسلم ، أو قال إن علم ، فمن وجد فؤاده عند الامتحان ، ورود نسمات أسرار ولي الرحمن ، قد اشمأز وقشعر ، ومال عن التصديق وأزور ، فذاك بعيد عن الإيمان ، قريب من الشيطان ، لأن حبّ علي عليهالسلام هو المحك بلا شك ، فمن تخالجته الشكوك فيه فليسأل أمّه عن أبيه (٢) ، من نقص جوهره عن العيار ، فليس له مطهر إلّا النار ، وإنّما دعاهم إلى الإنكار الجهل والحسد ، وحب الدنيا التي حبّها رأس كل خطيئة ، والميل مع النفس والهوى ، ومن يتّبع الهوى فقد هوى ، لأنّ هذه النفس الإنسانية هي التي تحب أن تعبد من دون الله وأن لا ترى الفخر والسؤدد إلّا لها ، وأن ترى الكلّ عبيدا لها ، لأنّها سلسلة الشيطان التي بها يتدلّى إلى هذا الحرم الربّاني ، وإليها الإشارة بقوله وأجريته مجرى الدم منّي ، ولذلك قال عليهالسلام «أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك» (٣) وفي النقل أن الله تعالى لما خلق النفس ناداها من أنا؟ فقالت النفس : فمن أنا؟ فألقاها في بحر الرجوع الباطن حتى وصلت إلى الألف المبسوط وخلصت من رذائل دعوى الأنانية الأينية ورجعت إلى نشأتها ، ثم ناداها : من أنا؟ فقالت : أنت الواحد القهّار (٤) ، ولهذا قال : «اقتلوا أنفسكم فإنّها لا تدرك مقاماتها إلّا بالقهر» (٥).
__________________
(١) كما في الأحاديث ، راجع بحار الأنوار : ٢٥ / ٣٦٦ ح ٧ وبصائر الدرجات : ٢٦ ح ١ وما بعده.
(٢) روي أن مبغضه ابن زنا أو حيضة ، راجع إرشاد القلوب : ٢ / ٤٣٣ ، وترجمة علي من تاريخ دمشق : ٢ / ٢٢٤.
(٣) بحار الأنوار : ٧٠ / ٣٦ ح ١ باب ٤٤.
(٤) مجموعة ورام : ٥٩ باب العتاب.
(٥) بحار الأنوار : ٦٠ / ٢٩٤ باب ٣٩.