وانتشر من كماله كل موجود ، والاسم المقدم على سائر الصفات ، لأن الأحدية تعرف بالوحدانية ، فهو الاسم العلي العظيم .. وإليه الإشارة في التخصيص بقوله : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) (١) ، والمراد بالعبد هنا القرب ، لأنه في المقام الخاص ، فسمّاه بالاسم الخاص وكان الوحي إليه في ذلك المكان ، أن عليا أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجلين.
فصل
[أسرار الفاتحة]
وبيان الفصل ، اعلم أن أسرار الكتب الإلهية ، وسرّ الولاية ، والهداية ، والرسالة ، والاسم الأكبر ، وسر الغيب ، في فاتحة الكتاب ؛ وسرّ الفاتحة في مفتاحها ، وهي بسم الله الرحمن الرحيم ، وفيها إشارات ثلاث :
الأولى : قوله سبحانه : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) (٢) ، والمراد من الذكر والوحدة قوله بسم الله الرحمن الرحيم ، لأنها ذكر الله وحده.
الثانية : أن عدد حروفها ١٩ ، وعدد اسم وا ح د ١٩ فهي ، محتوية من الوحدة والتوحيد والوحدانية ، والواحد صفة الأحد ، والواحد هو النور الأول ، وهذا ذكر الذات بظاهر اسمها الأعظم.
الثالثة : قوله : بسم الله ، وهو إشارة إلى باطن السين ، وسرّ السين الذي بين الباء والميم ، الذي قال فيه أمير المؤمنين عليهالسلام : «أنا باطن السين ، وأنا سر السين» وهو الاسم المخزون ، وهو باطن الاسم الأعظم ، فإذا فتح الباب لأولي الألباب ، فاستخرجوا من أسرار الكتاب اسما جامعا للذات والصفات ، وسرّ الذات والصفات ، فذلك هو الاسم الأعظم الذي تجاب [به] الدعوات ، وتنفعل به الكائنات.
__________________
(١) النجم : ١٠.
(٢) الاسراء : ٢٦.