أهل ولايتي الذين استبصروا بنور هدايتي ، يا سلمان ، نحن سرّ الله الذي لا يخفى ، ونوره الذي لا يطفى ، ونعمته التي لا تجزى ، أوّلنا محمد ، وأو سطنا محمد ، وآخرنا محمد ، فمن عرفنا فقد استكمل الدين القيم.
يا سلمان ويا جندب ، كنت ومحمدا نورا نسبّح قبل المسبّحات ، ونشرق قبل المخلوقات ، فقسم الله ذلك النور نصفين : نبي مصطفى ، ووصي مرتضى ، فقال الله عزوجل لذلك النصف : كن محمدا ، وللآخر كن عليا ، ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله : أنا من علي ، وعلي منّي ، ولا يؤدي عنّي إلّا أنا أو علي (١) وإليه الإشارة بقوله : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (٢) ، وهو إشارة إلى اتحادهما في عالم الأرواح والأنوار ، ومثله قوله : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) (٣) ، والمراد هنا مات أو قتل الوصي ، لأنّهما شيء واحد ، ومعنى واحد ، ونور واحد ، اتّحدا بالمعنى والصفة ، وافترقا بالجسد والتسمية ، فهما شيء واحد في عالم الأرواح «أنت روحي التي بين جنبيّ» (٤) ، وكذا في عالم الأجساد : «أنت منّي وأنا منك ترثني وأرثك» (٥) ، «أنت منّي بمنزلة الروح من الجسد».
وإليه الإشارة بقوله : (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٦) ، ومعناه صلّوا على محمد ، وسلّموا لعلي أمره ، فجمعهما في جسد واحد جوهري ، وفرّق بينهما بالتسمية والصفات في الأمر ، فقال : (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، فقال : صلّوا على النبي ، وسلّموا على الوصي ، ولا تنفعكم صلواتكم على النبي بالرسالة إلّا بتسليمكم على علي بالولاية.
يا سلمان ويا جندب ، وكان محمد الناطق ، وأنا الصامت ، ولابد في كل زمان من صامت وناطق ، فمحمد صاحب الجمع ، وأنا صاحب الحشر ، ومحمد المنذر ، وأنا الهادي ، ومحمد صاحب الجنة ، وأنا صاحب الرجعة ، محمد صاحب الحوض ، وأنا صاحب اللواء ، محمد صاحب المفاتيح ، وأنا صاحب الجنة والنار ، ومحمد صاحب الوحي ، وأنا صاحب الإلهام ، محمد
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٩٨ ط م و : ١٥٩ ح ٧٧٢ ط. ب وصحيح الترمذي : ٥ / ٦٣٢ ح ٣٧١٢.
(٢) آل عمران : ٦١.
(٣) آل عمران : ١٤٤.
(٤) تقدّم الحديث.
(٥) تقدّم الحديث.
(٦) الأحزاب : ٥٦.