وظهرت الراية العثمانية بوادي سوداء ، واضطربت البصرة وغلب بعضهم بعضا ، وصبا كل قوم إلى قوم ، وتحرّكت عساكر خراسان ، وتبع شعيب بن صالح التيمي من بطن الطالقان ، وبويع لسعيد السوسي بخوزستان ، وعقدت الراية لعماليق كردان ، وتغلبت العرب على بلاد الأرمن والسقلاب ، وأذعن هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان ، فتوقعوا ظهور مكلم موسى من الشجرة على الطور ، فيظهر هذا ظاهر مكشوف ، ومعاين موصوف ، ألا وكم عجائب تركتها ، ودلائل كتمتها ، لا أجد لها حملة ، أنا صاحب إبليس بالسجود ، أنا معذّبه وجنوده على الكبر والغرور بأمر الله ، أنا رافع إدريس مكانا عليا ، أنا منطق عيسى في المهد صبيا ، أنا مدين الميادين وواضع الأرض ، أنا قاسمها أخماسا ، فجعلت خمسا برا ، وخمسا بحرا ، وخمسا جبالا ، وخمسا عمّارا ، وخمسا خرابا.
أنا خرقت القلزم من الترجيم ، وخرقت العقيم من الحيم ، وخرقت كلّا من كل ، وخرقت بعضا في بعض ، أنا طيرثا ، أنا جانبوثا ، أنا البارحلون ، أنا عليوثوثا ، أنا المسترق على البحار في نواليم الزخار عند البيار ، حتى يخرج لي ما أعد لي فيه من الخيل والرجل ، فآخذ ما أحببت ، وأترك ما أردت ، ثم أسلّم إلى عمّار بن ياسر اثني عشر ألف أدهم على أدهم ، منها محب الله ولرسوله ، مع كل واحد اثنى عشر كتيبة ، لا يعلم عددها إلّا الله ، ألا فابشروا ، فأنتم نعم الإخوان ، ألا وإن لكم بعد حين طرفة تعلمون بها بعض البيان ، وتنكشف لكم صنايع البرهان ، عند طلوع بهرام وكيوان ، على دقائق الاقتران ، فعندها تتواتر الهزات والزلازل ، وتقبل رايات من شاطىء جيحون إلى بيداء بابل.
أنا مبرج الأبراج وعاقد الرياح ، ومفتح الأفراج وباسط العجاج ، أنا صاحب الطور ، أنا ذلك النور الظاهر ، أنا ذلك البرهان الباهر ، وإنما كشف لموسى شقص من شقص الذر من المثقال ، وكل ذلك بعلم من الله ذي الجلال.
أنا صاحب جنّات الخلود ، أنا مجري الأنهار أنهارا من ماء تيار ، وأنهارا من لبن ، وأنهارا من عسل مصفّى ، وأنهارا من خمر لذّة للشاربين ، أنا حجبت جهنّم وجعلتها طبقات السعير ، وسقير الجير ، والأخرى عمقيوس أعددتها للظالمين ، وأودعت ذلك كلّه وادي برهوت ، وهو والفلق ورب ما خلق ، يخلد فيه الجبت والطاغوت وعبيدهما ، ومن كفر بذي الملك