والملكوت ، أنا صانع الأقاليم بأمر العليم الحكيم ، أنا الكلمة التي بها تمّت الأمور ودهرت الدهور ، أنا جعلت الأقاليم أرباعا ، والجزائر سبعا ، فإقليم الجنوب معدن البركات ، وإقليم الشمال معدن السطوات ، وإقليم الصبا معدن الزلازل وإقليم الدبور معدن الهلكات.
ألا ويل لمداينكم وأمصاركم من طغاة يظهرون فيغيرون ويبدلون إذا تمالت الشدائد من دولة الخصيان ، وملكة الصبيان ، والنسوان ، فعند ذلك ترتج الأقطار بالدعاة إلى كل باطل ، هيهات هيهات ، توقعوا حلول الفرج الأعظم ، وإقباله فوجا فوجا ، إذا جعل الله حصباء النجف جوهرا ، وجعله تحت أقدام المؤمنين ، وتبايع به للخلاف والمنافقين ، ويبطل معه الياقوت الأحمر ، وخالص الدر والجوهر ، ألا وإن ذلك من أبين العلامات ، حتى إذا اتنهى ذلك صدق ضياؤه ، وسطع بهاؤه ، وظهر ما تريدون ، وبلغتم ما تحبّون ، ألا وكم إلى ذلك من عجائب جمّة ، وأمور ملمة ، يا أشباه الأعثام ، وبهام الأنعام ، كيف تكونون إذا دهمتكم رايات لبني كنام مع عثمان بن عنبسة من عراص الشام يريد بها أبويه ، ويزوج بها أميه ، هيهات أن يرى الحق أموي أم عدوي.
ثم بكى صلوات الله عليه ، وقال : واها للأمم ، أما شاهدت رايات بني عتبة مع بني كنام السائرين أثلاثا ، المرتكبين جبلا جبلا مع خوف شديد ، وبؤس عتيد ، ألا وهو الوقت الذي وعدتم به ، لأحملنّهم على نجائب ، تحفّهم مراكب الأفلاك ، كأني بالمنافقين يقولون نص عليّ على نفسه بالربانية ، ألا فاشهدوا شهادة أسألكم بها عند الحاجة إليها ، إن عليا نور مخلوق ، وعبد مرزوق ، ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين.
ثم نزل وهو يقول : تحصنت بذي الملك والملكوت ، واعتصمت بذي العزّة والجبروت ، وامتنعت بذي القدرة والملكوت ، من كل ما أخاف وأحذر ، أيها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند نازلة أو شدّة إلّا وأزاحها الله عنه.
فقال له جابر : وحدها يا أمير المؤمنين ، فقال : نعم وأضيف إليها الثلاثة عشر اسما ، وضمّني ، ثم ركب ومضى (١).
__________________
(١) معجم أحاديث الإمام المهدي عليهالسلام : ٣ / ٢٧.