طوفوا بعرش النور وسبّحوني واحملوا عرشي ، فطافوا وسبحوا وأرادوا أن يحملوا العرش فما قدروا ، فقال الله لهم : طوفوا بعرش النور وصلوا على نور جلالي محمد حبيبي واحملوا عرشي ، فطافوا بعرش الجلال وصلوا على محمد وحملوا العرش فأطاقوا حمله ، فقالوا : ربنا أمرتنا بتسبيحك وتقديسك ثم أمرتنا أن نصلّي على نور جلالك محمد فتنقص من تسبيحك وتقديسك ، فقال الله لهم : يا ملائكتي إذا صلّيتم على حبيبي محمد فقد سبحتموني وقدستموني وهللتموني (١).
يؤيّد هذا الحديث ما رواه ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : من صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق رطب ، ولا يابس إلّا وصلّى على ذلك العبد لصلاة الله عليه (٢).
فما لك أيّها الهائم مع البهائم كلّما أبصرتك زاد عماك؟ وكلّما بشرتك زادت غمّاك؟ وما لي أراك كالبوم يرى الليل نهارا لضعف بصره؟ فهلا كنت كالهدهد يرى الماء من تحت الصخرة لقوة نظره ، فلو كنت هدهدا اهتديت.
فصل
ومن العجب أنّهم يسمّون عليا مجهول القدر ، وهو تحت مرتبة النبي لأنه نائبه وابن عمّه ووزيره وزوج ابنته ، لاختلاف العقول في عظمته. فقوم جحدوه وقوم عبدوه وقوم تبعوه ، وكلّهم ما عرفوه لأن الذين عبدوه كفروا بعبادته ، لأن المعبود واجب الوجود هو الله خالق الخلق ولا إله إلّا هو ، والذين جحدوه أيضا ما عرفوه وكفروا بجحوده ، وكيف يجحدون مولاهم ومعناهم ونهج هداهم؟ والذين تبعوه أيضا ما عرفوه إذ لو عرفوه ما ارتابوا في فضله وأنكروه وأنزلوه عن رفيع قدره وصغروه ، فهم في معرفته كسائر إلى مرام فخبته الظلام فرأى ضياء قد لاح فيممه فما أدركه حتى طلع الصباح ، فهو السرّ الخفي الذي حارت في وصفه العقول ممّا يقول :
__________________
(١) بحار الأنوار : ٢٧ / ٢٥٨ ح ٨.
(٢) بحار الأنوار : ٢٧ / ٢٥٩ ح ٩.