العلم الظاهر والباطن ، وأمر أن ينطق ينطق منه بالظاهر لا غير لئلا يتهموه بالكهانة والسحر وقد اتهم ، والولي أمر عن الله وعن رسوله أن ينطق بالظاهر والباطن .. وإليه الإشارة بقوله : علّمني رسول الله ألف باب من العلم ففتح الله لي من كل باب ألف باب (١).
وهذا إشارة إلى علم الظاهر والباطن ، فمثال النبي والولي في علم الظاهر والباطن كمثل ملك اختار من عبيده عبدين فجعل أحدهما له سفيرا والآخر نائبا ووزيرا ، وخزن عندهما علم المملكة وولّاهما حكمها ، ثم أمر الملك سفيره أن لا يحكم بما وصل إليه وفوّض إليه إلّا بالظاهر من حكم الأديان لئلا يتّهمه أهل المملكة بالأخذ عن الكهان ، وأمره أن يوصل علم الظاهر والباطن إلى النائب الذي هو الوزير ، وجعل له الحكم المطلق وذلك لأن حكم الملك والسلطان قد وصلا إليه على الإطلاق ، فهو مطلق العنان فيهما ، فعلم أن قوله : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. له معنيان ، الأوّل أنه أعلى الموجودات لأنه قسيم النور الواحد الفائض عن الأحد فما فوقه إلّا ذات رب البريات ، وسائر العوالم تحته من المخلوقات ، وكيف يخفى الأدنى على ما هو منه؟ إلّا علي فمعناه لو كشف الغطاء وهو الحجاب عن هذا الجسد الترابي أو الغطاء من الجسم الفلكي ما ازددت يقينا على ما علمته في العالم النوراني من قبل خلق العرش والكرسي.
وأما معناه الثاني فهو سرّ بديع فهو يقول عليهالسلام : «من عرفني من شيعتي بسرائر معرفتي» ، وأنني اسم الله العظيم ووجهه الكريم وحجابه في هذا الهيكل الترابي والعالم البشري ، وانني في الجسد المركب آية الله وكلمته في خلقه فإنه غدا إذا رآني لا يزداد في معرفتي يقينا لأنه لم يرتب فيّ من وراء الحجاب ، فكيف يرتاب عند كشف الحجاب؟
وبيان هذا أن المخاطب بالقرآن النبي صلىاللهعليهوآله والمراد به الأمة كذلك الولي هو الناطق والمراد به عارفيه لأن الأمة مضافة إلى النبيين ، والتابعين مضافين إلى الولي ، وإليه الإشارة بقوله سبحانه حكاية عن مؤمن آل فرعون : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢) فهو المتكلّم والمراد به قومه لأنهم مضافين إليه ، فقوله ما ازددت يقينا تكلّم عليهالسلام بلسان
__________________
(١) بحار الأنوار : ٢٢ / ٤٦٢ ح ١٣.
(٢) يس : ٢٢.