عترته وشيعتهم من خلافهم ، ومن خلاف شيعتهم الأنبياء ، فهم سادة الأوّلين والآخرين ، فالكل لهم وإليهم وعنهم وبهم ، فلذا لا يبقى يوم القيامة ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلّا وهو محتاج إليهم ، ولم يشرك معهم أحد إلّا شيعتهم ، فالداران ملكهم والوجودان ملكهم ، والعبد في نعمة سيده يتقلّب وآل محمد هم النعمة الظاهرة والباطنة ، دليله قوله سبحانه : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) (١) فمن سكن هذه المملكة ولم يشكر لآل محمد لم يشكر الله ، ومن لم يشكر الله كفر ، فمن لم يشكر لآل محمد عليهمالسلام فقد كفر ، وإليه الإشارة بقوله : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) (٢) وإذا وجب شكر أبوي الولادة والشهوة والطبع وجب بطريق الأولى شكر أبوي الإيجاد والهداية والعقل والشرع ، فويل للمنكرين لفضلهم ، الجاحدين لنعمتهم ، المكذّبين بعلوّ درجتهم إذا جاؤوا إلى حوضهم غدا ليردوه ، وكيف يردوه وقد أنكروا أمرهم وردوه؟
وإلى هذه المقامة أشار ابن طاوس فقال : اشكر لمن لو لا هم لما خلقت ، فهم (صلّى الله عليهم) مشكاة الأنوار الإلهية ، وحجاب أسرار الربوبية ولسان الله الناطق في البرية ، والكلمة التي ظهرت عنها المشية وصفات الذات المنزّهة عن الأينية والكيفية ، فمن صلّى عليهم فقد سبّح الله وقدّسه ، لأن في ذكر الصفات تنزيه الذات ، وهم جمال الصفات المنزّهة التي تجلّى فيها جلال الذات المقدّسة ، وإليه الإشارة بقوله : بالكلمة تجلّى الصانع للعقول ، وبها احتجب عن العيون :
سلام على جيران ليلى فإنّها |
|
أعز على العشاق من أن تسلما |
فإنّ ضياء الشمس نور جبينها |
|
نعم وجهها الوضاح يشرق حيثما |
فصل
وتصحيح هذه الدلايل قد صرّح بذكره القرآن فمنه قوله سبحانه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما
__________________
(١) لقمان : ٢٠.
(٢) لقمان : ١٤.