معرضون ، وللناطق بها مبغضون ومكذّبون ، فإذا استنشقوا روايح العرفان ، من عبد أنعم الله عليه توجّهوا إلى تكذيبه وإنكاره وإبعاده ، وحذّروا الناس من اعتقاده وصدّوهم عن حبّه ووداده ، ورشقوه بسهام الحسد ، وسبب ذلك الجهل وحب الرياسة ، فاعلم الآن أنه قد ثبت بما بيّناه من الدلالات ، وأوضحناه من البيانات ، أن عليّا مالك يوم الدين وحاكم يوم الدين ، وولي يوم الدين ، منّا من رب العالمين ، وفضلا من الصادق الأمين ، فهو ولي الحسنات بنص الكتاب (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١).
فصل
هذا صحيح النقل ، وأما صريح العقل فإنّ الله سبحانه جلّ أن تراه العيون ، وهذا اعتقاد أهل الإيمان والتحقيق والإيقان والتصديق ، لأن السلطان كلّما عزّ منه الجناب عظم دونه الحجاب ، فكيف جوزت على ربّ الأرباب ، أنّك تراه يوم الحساب ، قد جلس لخلقه. بغير حجاب ، تعالى الله عن ذلك وليس ربنا المعبود كذلك وإنما حسابك في بعثك ومآلك ، إلى من جعله الله الولي والحاكم والمالك ، ومن اعتقد غير ذلك فهو [في] بعثه هالك.
فصل
[آل محمّد عليهمالسلام حكّام العباد]
فالمالك في المعاد والحاكم يوم التناد ، والولي على أمر العبادهم آل محمد صلّى الله عليهم الذين جعلهم الله في الدنيا قوام خلقه ، وخزّان سرّه وفي الآخرة ميزان عدله وولاة أمره ، وذلك لأن الصفات مآلها الذات ومرجع الأفعال إلى الصفات ، وآل محمد صفوة الله وصفاته فالأفعال بسرّهم ظهرت ، وعنهم بعثت وإليهم رجعت ، «بدؤها منك وعودها إليك» فهم المنبع وإليهم المرجع ، فمرجع الخلق إليهم وحسابهم عليهم.
__________________
(١) ص : ٣٩.