عرف نفسه عايدا إلى العارف فإنّه إذا عرف نفس الكلّ والروح المنفوخ منها في آدم فقد عرف نفسه ونفس الكل وحقيقة الوجودهم.
فصل
وإن كان الضمير في قوله «نفسه» راجعا إلى الله في قوله (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) ، فهم روح الله وكلمته ونفس الوجود وحقيقته فعلى الوجهين من عرفهم فقد عرف ربّه ، وكذا عند الموت إذا رأى عين اليقين فإنّه لا يرى إلّا محمدا وعليا لأن الإله الحق جل أن تراه العيون ، والميت عند موته إنّما يشهد حقيقة الحال والمقام فلا يرى عند الموت إلّاهم لأنه يرى عين اليقين. وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا عين اليقين أنا الموت المميت.
دليله ما ورد في كتاب بصائر الدرجات عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ما من ميّت يموت في شرق الأرض وغربها محب لنا أو مبغض إلّا ويحضره أمير المؤمنين عليهالسلام ورسول الله صلىاللهعليهوآله فيبشّره أو يلعنه (١).
وكذا إذا نفخ في الصور وبعثر ما في القبور ، وعادت النفس إلى جسدها المحشور ، فإنّها لا ترى إلّا محمدا وعليا لأن الحي القيوم عزّ اسمه لا يرى بعين البصر ، ولكن يرى بعين البصيرة. وإليه الإشارة بقوله : «لا تراه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تراه العقول بحقائق الإيمان» (٢) ، ومعناه تشهد بوجوده لأنه ظاهر لا يرى وباطن لا يخفى.
__________________
(١) يراجع الكافي : ٣ / ١٢٨ ح ١ إلى ١٣ والبحار : ٦ / ١٧٣ ح ١ إلى ٥٦.
(٢) بحار الأنوار : ٣٦ / ٤٠٦ ح ١٦.