فصل
[مناقب آل محمّد عليهمالسلام]
فمحمد وعلي بالنسبة إلى حضرة الخلق موالي ومالكين وبالنسبة إلى حضرة الحق عبيدا مختارين وحججا مقرّبين ، وإليه الإشارة بقوله : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) (١) فالخلائق إذا حضروا الموقف ووقفوا في مقام العبودية فهناك يرى محمدا وآل محمد ينظرون إلى ما منّ الله به عليهم من الرفعة والكرامة والولاية العامة ، والخلق ينظرون رفعتهم وقرب منزلتهم وعظيم كرامتهم ، فيعولون في الشفاعة عليهم ويلجأون في وزن الأعمال إليهم ، وإليه الإشارة بقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢).
والنظر يومئذ إمّا إلى الرب صريحا أو إلى رحمته ونعمته ولطفه وفضله ، وهو حذف المضاف. فإن كان النظر إلى الرب فالوجوه هناك ناظرة إلى عظمة نبيّها ووليّها وهو مولاها في دنياها واخراها ، فهي ترقب الشفاعة من النبي والتنزيه من الولي بفضل الإله العلي ، وإن كان معناه أنها ناظرة إلى رحمة ربّها وفضل ربّها ، فالنعمة والرحمة والفضل أيضا محمد وعلي ، وإليه الإشارة بقوله : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) (٣) والظاهرة يومئذ محمد صلىاللهعليهوآله لأنه زين القيامة وصاحب الوسيلة وذو الكرامة ، فالوجوه يومئذ ناظرة إلى جماله وكماله وعلوّ مقامه ، والنعمة الباطنة علي ، والوجوه يومئذ ناظرة إلى حقيقة معناه فيرون حكمه النافذ في العباد بأمر الملك الذي يختار من عباده من يشاء ، شئت أنت أم لم تشأ.
يؤيّد ذلك : ما رواه سليم بن قيس الجواد : أن فلانا قال يوما : ما مثل محمد في أهل بيته إلّا نخلة نبتت في كناسة. فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فغضب وخرج فأتى المنبر فجاءت الأنصار
__________________
(١) مريم : ٩٣.
(٢) القيامة : ٢٢.
(٣) لقمان : ٢٠.