شاكة في السلاح ، فقال : ما بال قوم يعيرونني بأهل بيتي وقرابتي إذا قلت فيهم ما جمع الله فيهم من الفضل ألا وإن عليا منّي بمنزلة هارون من موسى ألا وإن الله خلق خلقه وفرّقهم فرقتين. وجعلني في خيرها فرقة ، ثم جعلها شعوبا وقبايل فجعلني في خيرها شعبا وقبيلة ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتا ، أنا وأخي علي بن أبي طالب ، ألا وإنّ الله نظر إلى الأرض نظرة واختارني منها ، ثم نظر إليها نظرة أخرى فاختار أخي عليا وجعله وزيري وخليفتي وأميني ، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي ، من والاه فقد والاني ، ومن عاداه فقد عاداني ، لا يحبّه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا كافر ، ولا يرتاب فيه إلّا مشرك ، وهو ربّ الأرض وسكنها ، وكلمة التقوى ، فما بال قوم يريدون أن يطفئوا نور أخي والله متمّ نوره؟
ألا وإنّ الله اختار لي أخا وأحد عشر سبطا من أهل بيتي هم خيار أمّتي ، مثلهم مثل النجوم في السماء ، كلّما غرب نجم طلع نجم ، هم قوام الله على عباده ، وحجّته في أرضه وبلاده ، وشهوده على خلقه ، هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقونه حتى يردا عليّ الحوض ، أبوهم علي وأمّهم فاطمة ، ثم الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين ، جدّهم لخير النبيين وأبوهم خير الوصيّين وأمّهم خير أسباط المرسلين وبيتهم خير بيوت الطاهرين ، ما لقي الله عبدا محبّا لهم موحّدا لربّه لا يشرك به شيئا إلّا دخل الجنة ، ولو كان عليه من الذنوب عدد الحصى والرمل وزبد البحر ، أيها الناس عظموا أهل بيتي وحبّوهم ، والتزموا بهم بعدي فهم الصراط المستقيم (١).
فصل
عدنا إلى البحث الأوّل. وأمّا قوله (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) (٢) والتجلّي إنّما يكون من ذي الهيئة والجسم ، والرب المعبود ليس بجسم ، فالمراد تجلي نور ربّه والنور الأوّل نور محمد وعلي المتجلّي من كل الجهات ، والله الأحد الحق المتجلّي عن كل الجهات ، فبنور صفاته في الأشياء تجلّى وبجلال ذاته عن الجهات تجلّى ، وإليه الإشارة بقوله : أنا مكلّم موسى من الشجرة : أن يا موسى أنا ذلك النور.
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣٦ / ٢٩٤ ح ١٢٤ والحديث طويل اختصره المصنّف.
(٢) الأعراف : ١٤٣.