غير سؤال وليس في الخلائق من له هذه المقامات إلّا هم ، لكن الناس فيهم ، كما قال الله سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) (١) أي إيمانه غير متمكن في القلب لأن الحرف هو الطرف. وذاك بغير برهان ولا يقين ، فإن أصابه خير يعني إن سمع ما يلائم عقله الضعيف اطمأن به وركن إليه ، وإن أصابته فتنة ـ وهو سماع ما لم يحط به خبرا ـ فهناك لا يوسعك عذرا بل يبيح منك محرما ويتهمك كفرا ، وإليه الإشارة بقوله عليهالسلام : لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله. وقيل لكفّره (٢) ؛ لأن صدر أبي ذر ليس بوعاء لما في صدر سلمان من أسرار الإيمان وحقائق ولي الرحمن ، ولذاك قال النبي صلىاللهعليهوآله : أعرفكم بالله سلمان.
وذلك لأن مراتب الإيمان عشرة ، فصاحب الإيمان لا يطلع على الثانية وكذا كل مقام منها لا ينال ما فوقه ، ولا يزدري من تحته ، لأن من فوق درجته أعلى منه ، وغاية الغايات منها معرفة علي بالإجماع وإنما قال : «لقتله» لأن أبا ذر كان ناقلا للأثر الظاهر ، وسلمان عارفا بالباطن ، ووعاء الظاهر لا يطيق حمل الباطن ، وقد علم كل أناس مشربهم.
__________________
(١) الحج : ١١.
(٢) بحار الأنوار : ٢٥ / ٣٤٦ وأصول الكافي : ١ / ٤٠١ والدر المنثور للشهيد الثاني : ١ / ٤٧ ، وغرر الفوائد : ٤١٩.