عليه آياته ، ولّى مدبرا ، وصدّ مستكبرا ، لأنه لم يؤمن بها من الأزل ولم يزل ، فلذلك لم يؤمن بها اليوم ، ولم ينقد مع القوم ، وكيف يعرفها في عالم الأجسام والأشباح؟ وقد أنكرها في عالم الأرواح ، فهو في عالم الأجساد ممسوخ ، ومن عالم الأرواح مفسوخ ، وفي سجين مرسوخ ، لأن الجسد تابع للأرواح وإليه الإشارة بقوله : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (١) لأن الإيمان من ذلك اليوم.
دليله قوله : (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) (٢) في ولاية علي الذي أخذ عليهم عهدها في الأزل وقوله : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (٣) يعني يصلون حبّ الله بحب محمد ، وحب محمد بحب علي ، وحب علي بحب فاطمة ، وحب فاطمة بحب عترتها.
(وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) في ترك الولاية (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) لمن لم يؤمن بآل محمد.
دليل ذلك أن رجلا قال لأمير المؤمنين عليهالسلام : إنّي أحبّك.
فقال له : كذبت إنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم عرض عليّ المطيع منها والعصاة فما رأيتك يوم العرض في المحبين ، فأين كنت؟ (٤).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : أعداؤنا مسوخ هذه الأمّة (٥).
ومن أنكر فضل آل محمد عليهمالسلام فهو عدوّهم ، وإن كثر صومه وصلاته فإن عبادة إبليس أعظم وأكثر ، فإن ذلك ضاع عند عصيانه وخلافه ، ولا فرق بين عصيان الرب وعصيان الإمام.
__________________
(١) الأنعام : ١١٠.
(٢) الرعد : ٢٠.
(٣) الرعد : ٢١.
(٤) نهج السعادة : ٤٠٩ / ٧ ، ومناقب آل أبي طالب : ٢ / ٩٦ بتفاوت.
(٥) تقدّم الحديث.