فصل
[سرّ آل محمد عليهمالسلام صعب مستصعب]
اعلم أن سرّ آل محمد صعب مستصعب كما ذكره ، فمنه ما يعلمه الملائكة والنبيون ، وهو ما وصل إليهم بالوحي ، ومنه ما يعلمه هم ولم يجر على لسان مخلوق غيرهم ، وهو ما وصل إليهم بغير واسطة ، وهو السرّ الذي ظهرت به آثار الربوبية عنهم ، فارتاب لذلك المبطلون ، وفاز العارفون ، فكفر به فيهم من أنكر ، وفرّط من غلا فيهم وأفرط ، وفاز من أبصر فتبع النمط الأوسط.
فصل
وأما السرّ الذي فيه للمؤمن نصيب ، فهو أيضا صعب مستصعب ، وأشدّ صعوبة وإغماضا المتشابه بالوجوه القابل للتأويل ، الذي يخالف ظاهره باطنه ، وأمثلته في القرآن والأحاديث والأخبار والأدعية كثير ، فمن ذلك من القرآن قوله : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (١) و (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) ، وهذا في الظاهر تناقض لأنه أمر أن يقفوهم ويسألوهم ، ثم أخبر أنهم لا يسألون ، وبيان ذلك : أن العباد لا يسألون يوم القيامة إلّا عمّا عهد الله إليهم من حبّ علي ، فعنه (وعنه خ ل) يسأل إذ يبعثون ، وشيعة علي لا يسألون عن ذنوبهم لأنّهم وفوا. بالعهد ، فلا ذنب عليهم ، وقوله : (لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) (٢) ، هذا لفظ عام ، ومعناه خاص ، لأن معناه لا يسأل عن ذنبه يوم القيامة إنس ولا جان من شيعة علي ، لأن الله أخذ عليهم عهد الإيمان بعلي ، وضمن لهم بذلك الجنّة ، فإن وفوا بالعهد وجبت لهم في رحمته للوفاء بالعهد ، وقد وفوا بعهدهم ، فلا ذنب عليهم يسألون عنه إذن ، لأن حب علي هو
__________________
(١) الصافات : ٢٤.
(٢) الرحمن : ٣٩.