الحسنات ، فإذا كان في الميزان فأين السيئات ، وإليه الإشارة بقوله : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١) ، وأكبر الحسنات حبّ علي ، بل هو الحسنات ، فإذا كان في الميزان فلا ذنب معه ، وأين ظلمة الذنب مع تلألؤ نور الرب ، لأن ولاية علي هي نور الرب ، وأين ظلمة الليل عند ضياء البدر المنير ، أم مس السيئات عند خالص الإكسير ، ومن ذلك قوله : (يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ، وقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٢) والتناقض لازم له في الظاهر من غير تأويل ، لأن من لا مثل له من أين له يدان مبسوطتان؟ ومن له يد مبسوطة كيف يكون بلا شبه ولا مثل؟ هذا واضح لمن عرف الاستعارة اللغوية.
فصل
[ليس كمثله شيء]
أما قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، فحق لأنّ الإله الحق لا مثل له لأنه مسلوب عنه الأضداد والأنداد ، وقوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) فذلك أيضا حق لأنّه أراد القدرة والرزق وعبّر عنهما باليد ، لأن البسط يليق باليد والقدرة أيضا. فلفظ اليد هنا استعارة لأن قدرته ورزقه لم يزل ولا يزال ، فله الأيادي على سائر خلقه والإنعام ، وأما عند الباطن فاليدان المبسوطتان محمد وعلي ، وهما النعمة والقدرة نعمة النبوّة وقدرة الولاية ، ومن ذلك قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٣) ، وقوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (٤) ، فالذي لا تدركه الأبصار كيف تراه الوجوه؟ والذي لا تراه الوجوه ، كيف لا تدركه الأبصار؟ هذا نفي وإثبات ، والنفي والإثبات لا يجتمعان.
ومن ذلك قوله خطابا لسيّد المرسلين : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (٥)
__________________
(١) هود : ١١٤.
(٢) الشورى : ١١.
(٣) القيامة : ٢٢.
(٤) الأنعام : ١٠٣.
(٥) الفتح : ٢.