يبغض عليا ويبغض من يهواه ، فمآله عند بعثه يدخل الجنة أو النار ؛ فهناك يقولون بل يدخل النار ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : من عاداك فقد عاداني ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه (١).
وإذا قلت لهم : فما تقولون في رجل آمن بالله ورسوله وعبده مخلصا ، لكنه لا يعرف فلانا وفلانا ، فما تقولون فيه ، مؤمن أم كافر؟ ويدخل الجنّة أم النار؟ فهناك يتحيّرون ؛ فإن قالوا نعم ، لزمهم الدليل عليه ، ولا دليل لهم ، وكيف يدخل النار بترك ما لم يعرض عليه ، وإن قالوا لا ، قلنا : فلم سمّيتم قوما تبعوا رجلا حبّه يدخل الجنّة وبغضه يدخل النار أشرارا ، وسمّيتم شيعته من اليهود؟
فهناك فروا من الجهل وقالوا : لأنهم يقولون بسبّ الصحابة ، ثم يقولون : قال رسول الله : من سبّ أصحابي فقد سبّني (٢) ، فإذا قلت لهم فهذا الحديث مخالف لاعتقادكم ، أليس عندكم أنه كلّما يصدر من العبد من الأفعال فإنّها بقضاء الله وقدره ، والله مريد لأفعال العبد ، والعبد واسطة في الفعل والإرادة لله ، فما ذنب من يسبّ إذا كان ذاك بقضاء الله وقدره ، وكيف يكون الزنا والكفر من العبد بإرادة الله ، والسبّ لا يكون بإرادة الله ، ثم يقول لهم : وقد رويتم أيضا إن كان مجتهد أصاب فله أجران في اجتهاده ، وإن أخطأ فله أجر (٣) ، فهؤلاء في اجتهادهم في السب إن أصابوا فلهم ثواب من اجتهد وأصاب ، وإن أخطأوا فكذلك.
ثم نقول لهم : لقد نطق القرآن لهم بالتنزيه والفوز ، وأنه لا وزر عليهم فيما وزروا فيما زعمتم أن عليهم به الوزر والكفر ، وذاك إما لحكم القضاء والقدر ، وإن من تسبّونه لا إثم عليهم في سبّه ، وذلك في قوله تعالى حكاية عنكم يوم القيامة ، وقالوا : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ* أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٤) ، والنار ليس فيها بإجماع الكتاب والسنّة ، وفحوى هذه الآية وبرهان العقل إلّا الكافر والمنافق ، والجنة ليس فيها كافر ولا منافق إلّا مؤمن ومسلم ، وقد شهدت هذه الآية لشيعة علي أنهم ليسوا من الكفار ولا من المنافقين ، بل من المؤمنين ، وإلّا لكانوا في النار ، لكنّهم ليسوا فيها فهم في
__________________
(١) الطرائف : ١ / ١٧٤ ح ١٨٤.
(٢) الغدير : ١٠ / ٢٧٠.
(٣) فتح الباري : ح ٧٣٥٢.
(٤) ص : ٦٣.