وقالوا : إنه لمّا أهلك قوم نوح بكى عليهم حتى رمدت عيناه.
وقالوا : إنّه يوم القيامة يضع قدمه في النار ، وتقول قط قط (١).
وقالوا إنه ينزل في كل ليلة جمعة إلى سماء الدنيا ، وأن له حمارا يركبه إذا نزل (٢) ، وإنه يرى يوم القيامة كالبدر في ليلة تمامه.
ثم وقعوا في الأنبياء فجوّزوا عليهم الخطأ وفعل الذنوب والغفلة (٣) ، ورموهم بظاهر القرآن من قوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (٤). وجوّزوا على الرسل الكرام فعل الكبيرة والصغيرة قبل البعثة ، وفعل الصغائر بعد البعثة ، وجوّزوا على سيّد المرسلين فعل الخطأ ، وأخذوا بقوله : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) (٥) ؛ وما علموا أن ذاك وزر الحرب لا وزر الذنب.
وقالوا إنّ جبرائيل شق صدره وأخرج منه علقة ، فقالوا هذا خط الشيطان : ثم خاط صدره فبقي أثر المخيط (٦).
وقالوا إن أباه مات كافرا (٧) ، وهو ابن سيّد المرسلين إبراهيم. ففعلوا كل ذلك لتثبت لهم إمامة الرجل ، وجوّزوا على النبي حبّ السماع والرقص ، وقالوا إنّه تمايل حتى سقط الرداء عن كتفه ، ورووا أن الرجل دخل عليه وعنده امرأة تنشد الشعر وتضرب الدف فأمرها بالسكوت فسكتت فلما خرج أمرها بالإنشاد فأنشدت فعاد إليه فأمرها بالسكوت فسكتت فلما خرج أمرها بالإنشاد ، فقالت : يا رسول الله من هذا الذي تأمرني إذا دخل بالسكوت وإذا خرج بالإنشاد؟ فقال : هذا رجل يكره الباطل (٨) فجعلوا نبيّهم يحبّ الباطل.
ورووا عنه إذ قال : ما ينفعني شيء كانتفاعي بمال فلان ، فكذبوا القرآن في قوله
__________________
(١) صحيح مسلم : ٤ / ٢١٨٧ ح ٥٠٨٤ كتاب الجنة ، وأساس التقديس : ١٤١ فصل ٢٦.
(٢) تنزيه الشريعة : ١ / ١٣٨ ، والموضوعات : ١ / ٧٩.
(٣) راجع الطرائف : ٢ / ٤٩ فقد فصّل ذلك.
(٤) طه : ١٢١.
(٥) الشرح : ٢.
(٦) رواه مسلم في كتاب الإيمان : ح ٢٣٦.
(٧) راجع رسائل السيوطي ، رسالة نجاة آباء الرسول.
(٨) إحياء علوم الدين : ٢ / ٢٧٨ كتاب آداب السماع.