يصدر في العالم من خير أو شر فإن الله مريده وفاعله ، والقرآن ينطق بتكذيبهم ، فيقول : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (١). والرسول يقول : إن هي إلّا أعمالكم وأنتم تجزون فيها إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ (٢).
ويقول [الله تعالى] : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣).
وأما كذبهم في الآخرة فإنّ الله إذا قال لهم (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٤).
هناك كذبوا وحلفوا وقالوا : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٥). فكذبوا على أنفسهم وكذبوا ربّهم ، وأما كذبهم على نبيّهم فإنّه قوله : نقلت من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية (٦) ، وصدّقه القرآن فقال : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٧) ، أي في أصلاب الموحدين (٨) ، وهم يكذبون العقل والنقل ، ويقولون : ولد من كافر ، ويقولون : سها ونسي ، والله يقول : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (٩) ، نفى عنه النسيان ، ولو كانت للنهي لكانت لا تنس لكنها لا تنسى.
وأما مخالفتهم لمقالة أهل الجنة فإنّ أهل الجنة لما قدموا إليها قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) (١٠) ، فشكروا ربّهم على الهدى ، وأهل النار لمّا وردوها (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) (١١) فأقرّوا أن الشقاء غلب عليهم ؛ فالقدرية في اعتقادهم يخالفون العقل والنقل والقرآن والرحمن.
__________________
(١) الكهف : ٢٩.
(٢) الغدير بتفاوت : ٥ / ٤٥٢.
(٣) الأعراف : ٢٨.
(٤) الأنعام : ٢٢.
(٥) الأنعام : ٢٣.
(٦) الشفا : ١ / ٨٣ شرف نسبه.
(٧) الشعراء : ٢١٩.
(٨) الطبقات الكبرى : ١ / ٢٢ ، والشفا : ١ / ١٥ ، وتاريخ الخميس : ١ / ٢٣٤.
(٩) الأعلى : ٦.
(١٠) الأعراف : ٢٣.
(١١) المؤمنون : ١١٦.