الذي أمرنا باتباعه ، لأن نبينا طيب المرسلين وحبيب ربّ العالمين ، الكائن نبيا ، وآدم بين الماء والطين سيد معصوم ، طاهر المولد ، زائد الشرف ، عالي الفخار ، سيّد أهل السّموات والأرض ، طيب طاهر ، علي زاهر معصوم ، منزّه عن الذنوب والغفلة.
ثم أثبتوا أصلا رابعا وهو الإمامة ، وبرهنوا أنّها لطف واجب على الله نصبه وتعيينه (١) ، وعلى الرسول تبيينه ، لحفظ الثغور وتدبير الأمور ، وسياسة العباد والبلاد ، وأن معرفة الإمام الحق واجبة على كل مكلف كوجوب معرفة النبي ، وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات كافرا ، وأثبتوا أن الإمامة كمال الدين ، وعين اليقين ، ورجح الموازين ، وأنها حرز من الربوبية فلا تنسخ أبدا ، فهي من الأزل ولم تزل ، وأنها سفينة النجاة ، وعين الحياة ، وهؤلاء تمسّكوا بسلسلة العصمة وسلكوا إلى الصراط المستقيم والنهج القويم.
وذلك بأن الفرق الثلاث والسبعين أصولها ثلاثة : أشعرية وهم قالوا بالتوحيد والنبوّة والمعاد ، وأنكروا العدل. والإمامية ، والمعتزلة. والإمامية قائلون بذلك ، لكن المعتزلة أثبتوا العدل وأنكروا الإمامة ، والإمامية قالوا بمقالة الفريقين وزادوا أصلا رابعا ، وهو ختم الأعمال ، وهو الإمامة ، فكانت الفرقة المتمّمة ؛ فلها النجاة من ثلاثة وسبعين فرقة ، لأنهم أقرّوا بالبعث والنشور ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأن أعمال المنافقين حابطة لأنها لم تقع على وجه الحق ، فما كان منها من العبادات فهو على غير ما أمر الله ، وكله زيف وشبه الشبيه ، وشبيه الموقوف عليه صحة العبادات ، وقبولها الطهارة ، وهي فاسدة ، ففسد ما هو مبني على فساد. وثانيها النيّات ، وهي غير صحيحة ، وكذا صدقاتهم لأنها وقعت على غير الحق ، لأن ما في أيدي المنافقين مغصوب ، ولا قبول للفاسد والمغصوب.
ثم إن المؤمن العارف يعتقد أن تبدّل السيئات للمؤمن العارف حسنات ، وأثبتوا أن الرب المعبود واجب الوجود ، منزّه عن الرؤية بعين البصر ، أما بعين البصيرة فلا ، وقالوا للأشاعرة :
إن ربّكم الذي تدعون رؤيته يوم القيامة ليس هو ربنا الذي نعبده ، لأن ربّنا الذي نعبده ليس كمثله شيء ، ومن لا مثل له لا يرى ، فالرب المعبود لا يرى ، وأن الرب المخصوص بالرؤية يوم القيامة هو الذي أنكرتم ولايته في الدنيا ، فكفرتم فيه لعداوته وإنكار ولايته ، لأنه هو
__________________
(١) راجع أمالي الشيخ الصدوق ٥٣٧ المجلس ٩٧.