فقلت لهم : أليس قد روى ابن طاووس في كتاب المقتل مثل هذا بعينه ، وقال : إنّ الحسين لما سقط عن فرسه يوم الطف قالت الملائكة : ربنا يفعل هذا بالحسين وأنت بالمرصاد؟ فقال الله لهم : انظروا إلى يمين العرش. فنظروا فإذا القائم قائما يصلّي ، فقال لهم : إنّي أنتقم لهذا بهذا من هؤلاء. فقالوا بلى. (١).
فقلت : وأين كان القائم هناك؟ وكيف كان قبل أن يكون؟ وأين يكونون أولئك عنده إذا ظهر؟ وكيف رويتم هذا الحديث بعينه فصدقتموه في المستقبل وكذبتموه في الماضي ، وما الفرق بين الحالين؟
فيا أيّها التايه في تيه حيرته وارتيابه ، وهو يزعم أنه مؤمن أمن من عذابه ، كيف أنت وما أمنت ولا أمان إلّا بالإيمان ، والله يقول وقوله الحقّ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) (٢). فكيف يأمرهم بالإيمان وقد آمنوا؟ ومعناه يا أيّها الذين آمنوا بالله وبرسوله آمنوا بسرّ آل محمد وعلانيتهم ، فإنّ ذلك حقيقة الإيمان وكماله ، لأنّ عليا هو النور القديم المبتدع قبل الأكوان والأزمان ، المسبّح لله ولا فم هناك ولا لسان ، أليس كان في عالم النور قبل الأزمان والدهور ، أليس كان في عالم الأرواح قبل خلق الأجسام والأشباح؟ أما سمعت قصة الجني ، إذ كان عند النبي صلىاللهعليهوآله جالسا ، فأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فجعل الجنّي يتصاغر لديه تعظيما له وخوفا منه ، فقال : يا رسول الله إنّي كنت أطير مع المردة إلى السماء قبل خلق آدم بخمسمائة عام ، فرأيت هذا في السماء فأخرجني وألقاني إلى الأرض ، فهويت إلى السابعة منها ، فرأيته هناك كما رأيته في السماء (٣).
أيها السامع لهذه الآثار ، لا تبادر إلى التكذيب والإنكار ، فإن الشمس إذا أشرقت يراها أهل السماء كما يراها أهل الأرض ، وينفذ ضوؤها ونورها في سائر الأقطار ، وهي في مكانها من الفلك الدوّار ، وليست الشمس أعظم ممّن خلقت من نوره سائر الأنوار ، دليله قوله : أوّل
__________________
(١) الكافي : ١ / ٤٦٥ ، ومعجم الإمام المهدي : ٣ / ٣٨٢.
(٢) النساء : ١٣٦.
(٣) حلية الأبرار : ٢ / ١٦ ، ومدينة المعاجز : ٢ / ٤٤٥.