وأشرب في الأرواح راح الولا |
|
من قبل أن يخلق كرم الجسد |
فها أنا بشنان من حبّها |
|
في السكر العشاق حتى الأبد |
فشهرت ذيل العزلة ، وأخرت يدي من حب الوحدة ، وأنست بالحق وذاك أحق ، إذ لا خير في معرفة الخلق ، أقتدي بقول سيّد النبيّين وشفيع يوم الدين : الخير كلّه في العزلة ، والخير والسلامة في الوحدة ، والبركة في ترك الناس ، خصوصا أهل هذا الزمان جواسيس العيوب ، اللابسين أثواب الحسد منهم على كل حسن ، الصديق الحميم والسليم الود منهم كالسليم والخل الموحد ، وخل الود ودّ لمعاصم الغيبة وأذامم الريبة (١) ، يسرون الحسنات ويظهرون السيئات ، ويحبّون أن تشيع الفاحشة ، فثق بالله وذرهم واتخذ إليه سبيلا ، (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) (٢).
وتأسيت بقول الرسول صلىاللهعليهوآله : إنّ الله أخذ ميثاق المؤمن أن لا يصدق في قوله ، ولا ينتصف من عدوّه ، ولا يشفى من غلبة ، ومن آذى مؤمنا لم يدخل حضرة القدس.
والمؤمن هو العارف بعلي. وإليه الإشارة بقوله : أعرفكم بالله سلمان (٣).
وكان سلمان أعرف الناس بعلي ، فمن كانت معرفته بعلي أكثر كان لله أعرف وإليه أقرب.
فليس الإيمان إلّا معرفة علي وحبّه ، لأن من عرف عليا عرف الله.
وإليه الإشارة بقوله : يعرفك بها من عرفك (٤) ، فمن آذى مؤمنا حسدا على ما آتاه الله فحسبه قول مولاه : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٥).
ودخلت بركة دعائهم في جملة المرحومين ، وصرت من شيعتهم الموحدين ، بقولهم : رحم الله شيعتنا إنهم أوذوا فينا ولم نؤذ فيهم ، أوذيت حسدا على ما في فضلهم ، أوتيت طربا بما أوليت :
أما والذي لدمي حلا |
|
وخص أهيل الولا بالبلا |
__________________
(١) كذا بالأصل.
(٢) المزمل : ١٠.
(٣) تقدّم الحديث.
(٤) تقدّم الحديث.
(٥) النساء : ٥٤.