والاسم الفتاح الذي أخرج بنوره الوجود من العدم ، فبهم بدا وبهم هدى ، وبهم ختم ، وهم المعاذ في المعاد للعباد عند زلّة القدم ، فهم مصابيح الظّلم ، ومفاتيح النّعم.
فصل
فإذا استقرينا الموجودات ، فإنّها تنتهي إلى النقطة الواحدة التي هي صفة الذات وعلّة الموجودات ، ولها في التسمية عبارات ، فهي العقل من قوله صلىاللهعليهوآله : «أوّل ما خلق الله العقل» (١) ، وهي الحضرة المحمّدية من قوله : «أوّل ما خلق الله نوري» (٢). ومن حيث إنّها أوّل الموجودات صادرة عن الله تعالى بغير واسطة سمّيت العقل الأوّل ، ومن حيث إن الأشياء تجد منه قوّة التعقيل سمّي العقل الفعّال ، ومن حيث إنّ العقل فاض منه إلى جميع الموجودات فأدركت به حقائق الأشياء سمّي عقل الكل ، فعلم بواضح البرهان أن الحضرة المحمدية هي نقطة النور وأوّل الظهور ، وحقيقة الكائنات ، ومبدأ الموجودات ، وقطب الدائرات ، فظاهرها صفة الله ، وباطنها غيب الله ، فهي ظاهر الاسم الأعظم ، وصورة سائر العالم ، وعليها مدار من كفر وأسلم ، فروحه صلىاللهعليهوآله نسخة الأحدية في اللاهوت ، وجسده صورة معاني الملك والملكوت ، وقلبه خزانة الحي الذي لا يموت ، وذلك لأن الله تعالى تكلّم في الأوّل بكلمة فصارت نورا ، ثم تكلّم بكلمة فصارت روحا ، وأدخلها ذلك النور وجعلها حجابا فهي كلمته ونوره وروحه وحجابه ، وسريانها في العالم كسريان النقطة في الحروف والأجسام ، وسريان الواحد في الأعداد وسريان الألف في الكلام ، وسريان الاسم المقدّس في الأسماء ، فهي مبدأ الكل وحقيقة الكل ، فكل ناطق بلسان الحال والمقال ، فإنّه شاهد لله بالوحدانية الأوّلية ، ولمحمد وعلي بالأبوّة والملكية ، دليله قوله صلىاللهعليهوآله : «أنا وعلي أبوا هذه الامّة» (٣) ؛ وإذا كانا أبوي هذه الامّة دل بالتزام أن يكونا أبوي سائر الأمم لدلالة الخاص على العام ، والأعلى على الأدنى من غير عكس ، فلولاهما لم يكن خلق أبدا لاختصاصه ب
__________________
(١) تقدّم الحديث.
(٢) تقدّم تخريجه.
(٣) كمال الدين : ١ / ٢٦١ ، والبحار : ٣٦ / ٢٥٤.