قال عليهالسلام : عن الباء ظهر الوجود ، وبالنقطة تبين العابد عن المعبود (١) ؛ وقال حكيم : بالباء عرفه العارفون ، وما من شيء إلّا والباء مكتوبة عليه (٢) ، فإذا قلت «الله» ، فقد نطقت بسائر الأسماء ، وإذا كتبت الألف فقد كتبت سائر الحروف ، وإذا نطقت بالواحد فقد ضمنت سائر الأعداد ، وإذا قلت النقطة فقد حصرت سائر العوالم ، وإذا قلت النور فقد ضمنت الوجود من العدم ، وإذا قلت نور النور فقد نطقت بالاسم الأعظم ، لمن كان يدري ويفهم ، إذ لا حظّ للأصم من طيب النغم ، ولا فرق عند الأكمه من الليل إذا أظلم ، والصبح إذا تبسّم ؛ وقال العارف هذا :
ألف الحروف هو الحروف جميعها |
|
والفاء دائرة عليه تطوف |
وقال الآخر :
يا رب بالألف التي لم تعطف |
|
وبنقطة هي سرّ كل الأحرف |
وبقافها الجبل المحيط وصادها |
|
البحر الذي بظهوره لا يختفي |
ثبت عليّ هداي واتمم نوره |
|
يا من به أصبحت عنّي مكتفي |
الثالث النقطة الواحدة وهي روح الأمر ، وعنها نور أن الوجود في عالم الصور ، وهي إشارة إلى ظهور الأفعال ، لأن الواحد الحق سبحانه يوجد الأشياء وليس فيها وإلّا لكان محدودا ، ولا منها وإلّا لكان معدودا ، لكنه متجلّ فيها بنور جماله ، متخل عنها بكمال جلاله ، دان إليها بكبريائه ، قائم بها ، قيوم عليها ، لأن الأحد الحق سبحانه لا يتجزّى فيعد ، ولا يتكثّر فيحدّ ، فالوحدة لازمة له.
فصل
[معنى الأحد والواحد]
أحد وواحد ووحدانية ، فالأحد اسم الذات مع سلب تعدّد الصفات ، والواحد اسم الذات مع إثبات تعدّد الصفات ، والوحدانية صفة الواحد ؛ والواحد صفة الأحد ، صلى
__________________
(١) جامع الأسرار : ٥٦٣ ح ١١٦٣ وشرح دعاء السحر : ٦٤ وفيه تميز بدل تبيّن ونسبه إلى ابن عربي.
(٢) جامع الأسرار : ٧٠١ ونسبه لبعض العارفين بلفظ : «ما رأيت شيئا إلّا ورأيت ...».