فقال : نعم إنّ الله خلقني وعليا من نور واحد قبل خلق آدم بهذه المدّة ثم قسّمه نصفين ، ثم خلق الأشياء من نوري ونور علي ، ثم جعلنا عن يمين العرش فسبّحنا ، فسبّحت الملائكة ، وهلّلنا فهلّلوا وكبّرنا فكبّروا ، فكل من سبّح الله وكبّره فإن ذلك من تعليمي وتعليم عليّ (١).
ومن ذلك ما رواه محمد بن علي بن بابويه مرفوعا إلى عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه أمير المؤمنين عليهمالسلام أنّه قال : إنّ الله خلق نور محمد قبل خلق المخلوقات كلّها بأربعمائة ألف سنة وأربعة وعشرين ألف سنة ، خلق منه اثني عشر حجابا (٢).
والمراد بالحجب الأئمّة فهم الكلمة التي تكلّم الله بها ثم أبدى منها سائر الكلم ، والنعمة التي أفاضها وأفاض منها سائر النعم والامة التي أخرجها وأخرج منها سائر الأمم ولسانه المعبّر عنه ويده المبسوطة بالفضل والكرم وقوامه على عباده بالحكم والحكم.
وعن أبي حمزة الثمالي قال : دخلت حبابة الوالبية على أبي جعفر عليهالسلام فقالت : أخبرني أي شيء كنتم في الأظلة؟ قال : كنّا نورا بين يدي الله قبل خلقه الخلق فلما خلق الخلق سبّحنا فسبّحوا ، وهللنا فهللوا وكبّرنا فكبّروا ، وذلك قوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) (٣) ومعناه لو استقاموا على حبّ علي كنّا وضعنا أظلتهم في الماء الفرات ، وهو حب علي (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) (٤) ، يعني في حب علي ، (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ) (٥) يعني عن ذكر علي عليهالسلام.
وفي هذه لغات كثيرة :
(الأوّل) أن الرب هنا المولى وعلي هو المولى ومعناه من يعرض عن ذكر مولاه.
(الثاني) أن ذكر علي في القرآن.
(الثالث) أن ذكر المولى هو ذكر الرب العلي. دليل ذلك : ما رواه ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) بحار الأنوار : ٢٦ / ٣٤٥ ح ١٨ ، والأنوار النعمانية : ١ / ٢٢.
(٢) بحار الأنوار : ١٥ / ٤ ح ٤.
(٣) الجن : ١٦.
(٤) طه : ١٣١.
(٥) الجن : ١٧.