فصل
[ماوراء الحجاب من عوالم]
أنكر هذا الحديث من في قلبه مرض ، فقلت : أتنكر القدرة أم النعمة أم ترد على المؤيّدين بالعصمة؟ فإن أنكرت قدرة الرحمن ، فقد ورد عن سليمان عليهالسلام أن سماطه في كل يوم ملحه سبعة أكرار فخرجت دابّة من دواب البحر يوما وقالت له : يا سليمان اضفني اليوم ، فأمر أن يجمع لها مقدار سماطه شهرا فلمّا اجتمع ذلك على ساحل البحر وصار كالجبل العظيم ، أخرجت الحوت رأسها وابتلعته ، وقالت : يا سليمان أين تمام قوتي اليوم فإنّ هذا بعض طعامي ، فأعجبت سليمان ، وقال لها : هل في البحر دابة مثلك؟ فقالت : ألف أمة. فقال سليمان : سبحان الملك العظيم في قدرته ، ويخلق ما لا تعلمون (١).
وأما نعمته الواسعة فقد قال لداود : يا داود وعزّتي وجلالي لو أن أهل سمواتي وأرضي ، أمّلوني فأعطيت كل مؤمل أمله بقدر دنياكم سبعين ضعفا لم يكن ذاك إلّا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر ويرفعها فكيف ينقص شيء ، أنا أعطيته.
فقل لأعمى البصيرة والعيان ، أفي القدرة أم النعمة تمتريان ، بل يداه مبسوطتان فبأي آلاء ربكما تكذّبان ، والآلاء محمد وعلي خاصة الرحمن.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : إنّ الله خلق هذا النطاق من زبرجدة خضراء ، فقيل : وما النطاق؟ قال : الحجاب ولله خلف ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن والإنس والكل يدينون بحبّنا أهل البيت ويلعنون فلانا وفلانا (٢).
وعن جابر بن عبد الله عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : إنّ من وراء شمسكم هذه أربعين شمسا ، من الشمس إلى الشمس أربعون عاما فيها خلق لا يعلمون أن الله خلق آدم ولا إبليس فقد
__________________
(١) بحار الأنوار : ١٤ / ٩٤ ح ٣.
(٢) بحار الأنوار : ٥٧ / ٣٣٠ ح ١٥ بتفاوت.