الظاهر والباطن. فلهذا لو جاء العبد يوم القيامة وفي ميزانه الجبال الراسيات من الأعمال الصالحات ، وليس فيه ولاية علي التي هي كمال الدين ، ورجح الموازين لا بل كمال سائر الأديان ، لأن دين محمد كمال كل دين وختم كل شريعة للنبيّين وتصديقا للمرسلين ، وحبّ علي كمال هذا الكمال ، وختم هذا الخاتم وتمام هذا المتمّم والمكمّل للكمال كمال الكمال ، والكمال جمال فحبّ علي كمال كل دين ، لأن الله لم يبعث نبيّا يدعو الناس إليه ويدل عباده عليه ، إلّا وقد أخذ عليه ولاية علي طوعا أوكرها فكل دين ليس معه حبّ علي وولايته فلا كمال له ، وما لا كمال له ناقص ، والناقص لا يقبل ولا يوزن ولا يعرض ، لأن الله لا يقبل إلّا الطيب ، وإليه الإشارة بقوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) (١) والحق هو العدل والعدل هو الولاية ، لأن الحق علي فمن كملت موازينه بحب علي رجع وأفلح ، وإليه الإشارة بقوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢) وهم أهل الولاية الذين سبقت لهم من الله العناية ، وإليه الإشارة بقوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (٣) قال : الكلم الطيب : لا إله إلّا الله محمد رسول الله ، والعمل الصالح يرفعه ، قال : العمل الصالح حب علي ، فكل عمل ليس معه حب علي فلا يرفع ، وما لا يرفع لا يسمع ، وما لا يسمع فلا ينفع ، وما لا يرفع ولا يسمع ولا ينفع ، فهو وبال وضلال وهباء منثور.
يؤيّد هذه المقالة ويحقّق هذه الدلالة أن جبرائيل سيّد الملائكة ، والأنبياء سادة أهل الأرض ، والرسل سادة الأنبياء وكل منهم سيّد أهل زمانه ، ومحمد صلىاللهعليهوآله سيّد الأنبياء والمرسلين وسيّد الخلائق أجمعين لأنه الفاتح والخاتم والأول والآخر ، له سؤدد التقدّم والتختم ، لأنه لولاه ما خلقوا وما كانوا فلأحديته على سائر الآحاد شرف الواحد على سائر الأعداد ، وجبرائيل خادمه والأنبياء نوّابه ، لأنّهم بعثوا إلى الله يدعون وبنبوّة محمد يخبرون وبفضله على الكل يشهدون وبولاية علي يقرّون وبحبّه يدينون وعلي سلطان رسالة محمد وحسامها وتمام أحكامها وختامها. دليله قوله : (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) (٤)
__________________
(١) الأعراف : ٨.
(٢) الأعراف : ٨.
(٣) فاطر : ١٠.
(٤) الاسراء : ٨٠.