وذلك لأنه مصدر الأشياء ، ومن هو مصدر الأشياء فعودها إليه ضرورة ، بدؤها منك وعودها إليك ، ومن هو المبدأ والمعاد فزمام الأمور منوط به ، فتقها ورتقها بيدك ومن بيده الفتق والرتق له الحكم وإليه ترجعون.
فصل
ولما طلعت شموس الأسرار من مطالع العناية ، ولمعت بوارق الأسرار من مشارق الهداية ، وعرفت أن الحي القيوم جلّ اسمه فضل الحضرة المحمدية أن جعل نورها هو الفيض الأوّل ، وجعل سائر الأنوار تشرق منها ، وتتشعشع عنها ، وجعل لها السبق الأوّل فلها السبق على الكل ، والرفعة على الكل والإحاطة بالكل ، والله من ورائهم محيط ، فكنت كما قيل :
تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل |
|
وملت إلى محبوب أوّل منزل |
ونادتني الأشواك ويحك هذه |
|
منازل من تهوى فدونك فانزل |
غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد |
|
له ناسجا غيري فكسرت مغزلي |
أو كما قيل :
نقّل فؤادك ما استطعت من الهوى |
|
ما الحب إلّا للحبيب الأوّل |
فاعلم أن الله سبحانه ما أنعم على عبد بمعرفة محمد وحبّ علي فعذّبه قط ، ولا حرمه عبدا فرحمه قط.
فصل
[إتحاد النور ومعناه]
محمد وعلي نور واحد قديم ، وإنّما انقسما تسمية ليمتاز النبي عن الولي كما امتاز الواحد عن الأحد ، فكل أحد واحد ولا ينعكس ، وكذا كل نبي ولي ولا ينعكس ، فلهذا لا توزن الأعمال يوم القيامة إلّا بحب علي لأن الولاية هي الميزان كما تقدّم.