٢٩
نسبة الحسنة والسيئة إلى الله
سؤال : إذا كانت نسبة الحسنة والسيئة (الخير والشر) إلى الله كما في الآية ٧٨ من سورة النساء ، فكيف تفسّر الآيات التي تنسب الحسنات إلى الله والسيئات إلى الإنسان نفسه ، كالآية ٧٩ ، من نفس السورة؟
الجواب : إنّ الإجابة عن هذا السؤال تتّضح من خلال ما أثبتناه سابقاً من نسبية الشرور والبلايا ، لأنّ كلّ أنواع الشرور والبلايا حتى الأفاعي والعقارب إذا نظرنا إليها من الزاوية الوجودية ، أي من كونها ظاهرة اكتسبت وجودها من الله سبحانه ، فانّها حينئذٍ تكون جميلة وحسنة. وإنّما تتّصف هذه الموجودات بالسوء إذا كانت هناك نسبة بينها وبين حياة الإنسان وكانت غير ملائمة لحياته ، فحينئذٍ نقول : إنّ الأفعى والعقرب بلاء وشرّ لحياة الإنسان.
فإذا كانت الآية الأُولى تنسب كلّ أنواع النصر والهزيمة إلى الله وتنسب هطول الأمطار والسيول كذلك إلى الله سبحانه ، فمن جهة كون الآية تركّز على أنّ كلّ ظاهرة باعتبارها وجوداً فإنّها تكتسب وبصورة قهرية حظّاً من الحسن والجمال من جانب الله سبحانه ، ولذلك لا يمكن في هذا الظرف أن توصف بكونها ظاهرة سيئة ـ وإذا كان القرآن الكريم قد وصفها في الآية الأُولى بكونها