٢. الابتلاء معيار الثواب والعقاب
لا شكّ أنّ مجرّد وجود الصفات والخصال الحسنة أو السيئة في النفس الإنسانية لا يُعد معياراً للثواب أو العقاب ، فإنّه ما لم تظهر تلك الصفات يستحيل معاقبة الإنسان بِصِرْف وجود تلك الصفة فيه أو إثابته كذلك ، وانّ تلك الصفات الكامنة لا يمكن أن تظهر ما لم تخضع لبوتقة الاختبار والابتلاء والتمحيص ، وهذا هدف آخر من الأهداف المتوخّاة من الابتلاء ، ولقد أشار أمير المؤمنين عليهالسلام إلى تلك الحقيقة بقوله : «وإن كان سبحانَهُ أعلمُ بِهِم مِنْ أنفسهم ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحقّ الثّواب والعقاب». (١)
٣. تمييز الصالحين من الطالحين
إنّ الهدف الثالث من أهداف الابتلاء والاختبار الإلهي هو تمييز الصالح من الطالح ، وذلك لأنّه في المجتمع الإسلامي الكلّ يدّعي لنفسه السبق ويرى نفسه في عداد الثوار وزمرة المجاهدين والمؤمنين ، ويدافع عن نفسه ويرى لها تلك الحسنة وهذه الصفة الحميدة ، في الوقت الذي يوجد فيهم المنافقون والمؤمنون والصالحون والطالحون بل فيهم من يكيد للإسلام ويتربّص به الدوائر. ومنهم من يدافع عنه بكلّ ما أُوتي من قوة ، فإنّ من الطبيعي في مثل تلك الأجواء والظروف تكون الطريقة المثلى والأُسلوب الأفضل للتمييز بين الأصناف الصالحة والطالحة والمؤمن والمنافق هو أن يتعرض الجميع للابتلاء والامتحان الإلهي. وإلّا يكون الجميع في مرتبة واحدة وصف واحد ولا يمكن
__________________
(١). المصدر نفسه.