نزول الكتاب والميزان أردفتهما بإنزال الحديد ، وأشارت إلى القدرات العجيبة والخصائص المهمة لذلك المعدن ، ولعلّ النكتة في الربط المذكور بين إنزال الكتب والحديد هي أنّ إقامة العدل والقسط لا بدّ أن تتم من خلال هذين الطريقين : طريق التعليم والتبليغ والإرشاد ، وهذا الطريق ينفع أصحاب القلوب الطاهرة والفطرة السليمة ؛ والطريق الآخر ـ القوة والضغط ـ ينفع أمام المعاندين والمشاكسين الذين لا يخضعون لمنطق العقل والدليل.
وفي هذه الآية إشارة إلى أنّ إجراء العدل وقيام الناس بالقسط هدف لجميع الأنبياء.
ونظير ذلك ـ في كلّيتها وعموميتها ـ الآية ٤٧ من سورة يونس حيث جاء فيها :
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
ثمّ إنّه في هذه الآية المباركة وإن لم يصرّح باسم القاضي أو صفته ولكن الظاهر منها أنّ الحاكم والقاضي هنا هو الله سبحانه ورسوله الموكَّل من قبله لإجراء القسط والعدل بين الناس.
الهدف الخامس : تزكية النفوس وتعديل الغرائز
إنّنا نرى وخلافاً لنظرية بعض الحكماء الذين لخّصوا شخصية الإنسان في الفكر والعقل (النفس الناطقة) أنّ نصف شخصية الإنسان يتقوّم بالغرائز والميول الفطرية ، وبما أنّ مجال حركة الفلاسفة وزاوية نظرهم قد سُلِّطَت على الجانب الفكري والإدراكات العقلية للإنسان. بذلك عرّفوه بالموجود المفكّر ، وأمّا علماء