الأخلاق والذين لهم اهتمامات خاصة في تزكية الإنسان وتكامله فإنّ نقطة الوصل والارتباط بينهم وبين الإنسان هو الجانب الغرائزي والميول ، ولذلك نظروا إليه وكأنّه مجموعة من الغرائز والشهوات.
وعلى هذا الأساس يمكن لنا أن نعرّف شخصية الإنسان تعريفاً جامعاً ونبيّنها بقولنا : إنّ شخصية الإنسان تتألف من قسمين أساسيين : العقل والإدراك ، والآخر : الغرائز والميول والرغبات.
إنّ هناك العديد من الآيات التي تشير إلى أنّ الهدف من بعثة الأنبياء هو تزكية وتطهير النفوس وأخلاق الناس ، يقول سبحانه :
(وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
ولقد وردت هذه الجملة في آيات متعدّدة من الذكر الحكيم. (١)
والجدير بالذكر أنّه توجد نكتة ينبغي الالتفات إليها وهي انّنا في الوقت الذي نجد فيه انّ الله سبحانه حينما يبيّن في بعض الآيات الهدف من بعثة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يقدّم التزكية والتربية على التعليم ولكن حينما يدعو إبراهيم عليهالسلام ربّه أن يبعث في أهل مكة وأطرافها رسولاً منهم نراه يقدّم التعليم على التزكية ، وهنا يطرح التساؤل التالي نفسه : ما هي فلسفة هذا التقدّم والتأخّر ، وما هي النكتة الخفية في ذلك؟ سنبيّن ذلك في البحوث القادمة إن شاء الله تعالى.
وبالطبع إنّه قد أُشير إلى هذا الهدف الكبير تارة بلفظ «التزكية» وأُخرى بلفظ «التقوى» و «التوبة». وعلى هذا الأساس فإنّ الآيات التي جاء بها الأنبياء والتي حثّت على التقوى والتوبة ورغّبت فيهما كلّها تنسلك في طريق تحقيق ذلك
__________________
(١). انظر آل عمران : ١٦٤ ، الجمعة : ٢.