٢
الإنسان وغريزة الشعور الديني
سؤال : إذا استعرضنا حياة الإنسان وتاريخه تظهر أمامنا حقيقة جليّة ، وهي أنّنا نجد الإنسان يسعى وبكلّ جهد للتحقيق والبحث عن الله والدين والمسائل الميتافيزيقية «ما وراء الطبيعة» ، وهنا يطرح التساؤل التالي نفسه : ما هو السبب الّذي يدعو الإنسان لذلك ، ولما ذا كلّ هذا البحث والاهتمام؟
الجواب : انّ الشعور الديني أو الغريزة الدينية لدى الإنسان هي كباقي الغرائز النفسية ، إذ يستيقظ هذا الشعور الديني وينطلق في باطن كلّ إنسان كبقية الأحاسيس الباطنية من دون حاجة إلى معلم ومن دون إرشاد أو توصية من أحد.
فكما يحسّ الإنسان باطنياً وذاتياً في فترة من فترات حياته بميل شديد ورغبة ملحة إلى أُمور ، كالجاه أو الثروة أو الجمال أو الجنس ، وذلك تلقائياً ودون تعليم معلم ، كذلك يستيقظ في باطنه «ميل إلى الله» وإحساس تلقائي يدفعه بدون إرادته إلى التفتيش عنه ، وهو إحساس يتعاظم ويتزايد ويظهر ويتجلّى أكثر فأكثر أثناء البلوغ ، حتّى أنّ علماء النفس يتّفقون في أنّ بين «أزمة البلوغ» و «القفزة المفاجئة في المشاعر الدينية» في الفرد ارتباطاً وتلازماً لا ينكر.