الصفات التي ترسخ في النفس الإنسانية وتستحكم وتتطلب آثاراً خاصة بها. فإذا كان الإنسان شجاعاً وجسوراً ، سخياً وباذلاً ، عفيفاً ونزيهاً يطلب في حياته معالي الأُمور ويتجنب عن سفاسفها ، فيطرد ما يخالف ذلك من الآثار كالخوف والجبن والبخل والإمساك والقبح والسوء ولا يرى في حياته أثراً منها ، ولا ريب أنّ العصمة من هذه المقولة ، فإذا بلغ الإنسان درجة قصوى من التقوى والعفاف والنزاهة ، وصارت تلك حالة راسخة في نفسه يصل حينئذٍ إلى حدّ لا يُرى في حياته أثر للعصيان والطغيان والتمرد والتجري والانحراف ، وتصير نفسه نقيّة عن كلّ أنواع المعصية.
ولكنّ هناك سؤالاً يطرح نفسه وهو : كيف يصل الإنسان إلى هذا المقام من التقوى والخشية من الله؟ وما هي العوامل التي تساعده وتمكّنه من الوصول إلى هذه الحالة بحيث تسمو نفسه إلى درجة لا يفكر بالمعصية؟
العصمة النسبية والمطلقة
لكي يتّضح المطلب جليّاً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ العصمة المطلقة تختص بطبقة خاصة من الناس وهم الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، ولكنّ العصمة النسبية ـ ونعني بها المصونية في مقابل بعض الذنوب ـ لا تختص بالأنبياء والأئمّة فقط. بل تعمّ الكثير من الناس الشرفاء فإنّ الإنسان الشريف وإن كان غير معصوم من جميع الذنوب ، وأنّه يقترف بعض المعاصي ، لكنّه وبلا ريب يجتنب عن بعضها اجتناباً تامّاً بحيث يتجنّب عن التفكير بها فضلاً عن ارتكابها ، وعلى سبيل المثال الإنسان الشريف لا يتجول عارياً في الشوارع والطرقات ، ويعدّ ذلك من الذنوب والقبائح الكبيرة التي لا ينبغي ارتكابها ، بل لا ينبغي التفكير بها ، كما أنّ كثيراً من الناس