تجاوزاً عن الحدّ ووضعاً للشيء في غير موضعه ، ولكنّ هذا لا يمكن أن يُعدَّ انتهاكاً وتجاوزاً للقانون الإلهي وانّ آدم عليهالسلام قد دخل وبسبب فعله هذا في زمرة المذنبين والعاصين ، من ذلك البيان يمكن التوصل إلى المراد من جملة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) الواردة في سورة البقرة الآية ٣٥.
نعم انّ الظلم في الاصطلاح المعاصر يطلق على من تجاوز وانتهك القانون الإلهي وتعدّى الحدود الإلهية أو سحق حقوق الآخرين. وانّ الآيات التي وردت في ذم الظلم والظالمين ناظرة إلى هذا النوع خاصة ، وإن كان الظلم في لغة العرب لا ينحصر في هذا النوع ، فقد ورد في مدح عديّ بن حاتم الطائي المعروف بكرمه وسخائه الشعر التالي :
بأبه اقتدى عديّ في الكرم |
|
ومن يشابه أبه فما ظلم |
والمقصود من هذا البيت انّ خلق عديّ كان خلقاً كاملاً ومطلوباً وكان من قبيل وضع الشيء في محله.
ثمّ إنّ هذا الأمر يتّضح جليّاً إذا علمنا انّ مسألة الظلم الواردة في قصة آدم قد أضيف فيها الظلم إلى نفسه عليهالسلام ، ومن المعلوم أنّ ظلم النفس في القرآن الكريم ورد مقابلاً لعمل السوء قال سبحانه : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً). (١)
العصمة وقوله «عصى» و «غوى» و «تاب»
ربّما يتمسّك بعض المنخدعين بالمعنى المتبادر اليوم من هذه الألفاظ ويتصوّر أنّ آدمعليهالسلام قد ارتكب ما يخالف العصمة. والحال انّ هذه الألفاظ
__________________
(١). النساء : ١١٠.