ثمّ إنّ كلّ من يطالع قصة آدم عليهالسلام مطالعة دقيقة ويمعن النظر فيها ويرى العنوان الذي من أجله خُلق آدم وهو عنوان «الخليفة في الأرض» ، وكيف علّمه الله سبحانه وتعالى الأسماء واعتبره معلِّماً للملائكة في هذا الخصوص ، وكيف أمر الله سبحانه الملائكة بالسجود له ، وطرده سبحانه للشيطان بسبب عصيانه لهذا التكريم ، ثمّ كيف أسكنه الله سبحانه في محيط تتوفر فيه كلّ النعم الإلهية وهو الجنة وتحذيره من كيد الشيطان ومصائده وانّه عدوٌّ له ولذريته ، فلا يشك حينئذٍ بأنّه عليهالسلام قد خسر الكثير من خلال خديعة الشيطان له ولزوجته.
٣. ثمّ إنّ توبة آدم عليهالسلام وقعت هي الأُخرى وسيلة بيد المخالفين للعصمة ، لأنّهم يرون أنّ التوبة نتيجة ارتكاب الذنب ، وارتكاب الذنب لا ينسجم مع القول بالعصمة ، والحال أنّ التوبة أعمّ من صدور الذنب ، فقد يرتكب الإنسان عملاً لا يليق بشأنه ولا ينسجم مع مقامه ثمّ يندم على ذلك ويتوب منه ، ولا ريب أنّ مقام ومنصب آدم عليهالسلام يستوجب ـ مع كلّ هذه المقدّمات ـ أن لا ينسى العهد الإلهي ، ولكنّه فعلاً قد ارتكب عملاً لا يليق بشأنه ـ وإن لم يكن ذلك العمل في ذاته حراماً ـ فمن اللائق به الندم والتوبة من ذلك ، وقد ورد في الحديث :
«إنَّ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم كَانَ يَتُوبُ إِلَى اللهِ عزَّ وجَلَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ». (١)
العصمة وطلب المغفرة
من الأُمور التي تمسّك بها المخالفون للعصمة في قصة آدم عليهالسلام ما ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى :
__________________
(١). سفينة البحار : ٦ / ٦٦١ ـ ٦٦٢ ، الطبعة الجديدة.