٣. التحدي : انّ الشرط الثالث للمعجزة هو أن يدعو صاحبها العالم إلى مقابلته ومنازلته لإبطال معجزته إن استطاعوا ، فإذا ما تجرد العمل الخارق للعادة عن تلك الدعوة لا يُعدّ معجزة.
ومن الطبيعي انّ ادّعاء المنصب والإتيان بعمل خارق للعادة يكون ملازماً للتحدي ، وذلك لأنّه إذا ادّعى فرد ما منصباً إلهياً وقام لإثبات صدق دعواه بعملٍ خارق للعادة ، فهذا يعني انّه يقول للناس : أيّها الناس إنّ الله هو الذي وهبني منصب النبوة وانّي رسول من قِبَله بهذه الشريعة ، وإن كنتم تشكّون في ذلك وتعتبرون ما جئت به نتاج ذهني الخاص وفكري فهلمّوا وأتوا به إن استطعتم.
٤. عدم المعارضة : إنّ الأمر الخارق للعادة إنّما يكون دليلاً على صحّة قول المدّعي إذا كان مقترناً بالإضافة إلى القيود السابقة بعدم قدرة الناس على معارضته وعجزهم عن مقابلته والإتيان بما جاء به أو إبطاله حتّى إذا اجتمع كلّ العلماء والمتخصّصين في العالم ، ففي مثل هذه الحالة يطلق على عمله أنّه معجزة وإلّا ـ إن استطاعوا المعارضة ـ يكون عمله فعلاً عاديّاً.
فلقد كانت وإلى زمن قريب عملية زراعة الأعضاء ، كقرنية العين أو القلب تُعدّ من الأُمور فوق الاعتيادية ، ولكن لم تمض فترة إلّا ووجدنا الكثير من الناس قد دخلوا هذا المضمار وخرجوا منه منتصرين ، ولذلك لا يطلق على هذا العمل عنوان المعجزة.
ثمّ إنّ هذا القيد من القيود المهمّة للمعجزة ، ولقد أشارت إليه آيات الذكر الحكيم تارة بصورة خاصة ، وأُخرى على وجه العموم.
ففي قصة موسى عليهالسلام وفي ميدان الصراع بين الحقّ والباطل والمعجزة