«مشكاة الصدق» الذي طبع في لاهور عام ١٩٠١ م قد سطّر هذه الشبهة في كتابه المذكور وسبق بقية الكتّاب المسيحيين في إثارة تلك الشبهة ، واستشهد بآيات من القرآن الكريم على مزعمته هذه.
ثمّ إنّ بعض كتّاب السيرة المعاصرين قد نقل تلك الشبهة وطريقة الاستدلال عليها واعتبرها من بنات أفكاره مدّعياً أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّما واجهه قومه بطلب المعجزة منه قابلهم بالسكوت أو الانصراف وكان يكتفي بالردّ عليهم : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) (١) ، وما عليّ إلّا البلاغ ، وقوله : (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ). (٢)
إنّ هذا الكاتب لم يُشر إلى جذور تلك الشبهة في أوساط الكتّاب المسيحيين ، وكأنّه المؤسّس والباني لهذه الفكرة وهذا البحث!!
المحاسبة العقلية تفنّد مزعمة القساوسة
إنّنا سواء قلنا : إنّ النبي منتخب من قبل الله ، أو قلنا إنّه نابغة من النوابغ ومصلح اجتماعي ، فعلى كلّ حال نجد الرسول الأعظم قد قرن نفسه في القرآن الكريم بباقي الأنبياء كموسى وعيسى عليهمالسلام ، بل أنّه وصف نفسه بأنّه خاتم الأنبياء وكتابه خاتم الكتب ، وهذا يعني أنّه في مرتبة أسمى وأعلى من باقي الأنبياء عليهمالسلام.
وهذا الرسول الإلهي أو المصلح الاجتماعي حسب تعبير البعض حينما تحدّث عن حياة الأنبياء السابقين أخبر عن وقوع معاجز كثيرة على أيديهم ، فقال في شأن موسىعليهالسلام : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ...) (٣)
__________________
(١). الكهف : ١١٠.
(٢). الأعراف : ١٨٨.
(٣). الإسراء : ١٠١.