الدليل العقلي على عصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن السهو. (١) هذا هو الرأي السائد بين الإمامية.
الطائفة الثانية : وهم :
ألف : انّ الشيخ الصدوق (المتوفّى ٣٨١ ه) وأُستاذه محمد بن الحسن بن الوليد (المتوفّى ٣٤٣ ه) هما أوّل من ذهب إلى جواز سهو النبي ، واعتبر القول بعدم سهو النبي بأنّه من شعار الغلاة والمفوّضة.
ولكن لا بدّ من الالتفات إلى نكتة مهمة ، وهي أنّ الشيخ الصدوق لا يقول بجواز سهو النبي مطلقاً ، بل انّه يرى أنّ للنبيّ الأكرم حالات بعضها خاصة به والأُخرى مشتركة بينه وبين سائر المكلّفين ، فالحالة التي اختصّ بها هي النبوة والتبليغ لا يجوز فيها السهو ، وأمّا الحالات المشتركة كالعبادات فالسهو فيها جائز. ثمّ إنّه رحمهالله يفصل بين سهو النبي والسهو الصادر من الناس العاديين حيث يعتبره عند الناس العاديين نتيجة نفوذ وسيطرة الشيطان ، ولكنّ سهو النبي والمعصومين ناتج من الإرادة الإلهية «إنساء الله» ، وهذا ما يظهر من كلامه قدسسره حيث قال : وذلك لأنّ جميع الأحوال المشتركة يقع على النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فيها ما يقع على غيره ... فالحالة التي اختصّ بها هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ، لأنّها عبادة مخصوصة ، والصلاة عبادة مشتركة ، وبها تثبت له العبودية ، وبإثبات النوم له عن خدمة ربّه عزوجل من غير إرادة له وقصد منه إليه ، نفي الربوبية عنه ، لأنّ الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحيّ القيوم ، وليس سهو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كسهونا ، لأنّ سهوه من الله عزوجل ، وإنّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق فلا يتّخذ ربّاً معبوداً دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ،
__________________
(١). الذكرى : ٢١٥.