وعلى هذا الأساس يكون البيت هنا كناية عن محل النبوة ومركز الوحي ومهبط الرسالة، وأنّ أهل هذا البيت هم الذين ينسجمون مع صاحب الرسالة من جميع الجهات المعنوية ، وأمّا الانتساب النسبي والحسبي بدون الانسجام الروحي والمعنوي فلا يكفي للدخول تحت هذا العنوان.
ولقد جرت بين قتادة ـ المفسّر المعروف ـ وبين الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليهالسلام محادثة لطيفة أرشده الإمام فيها إلى هذا المعنى الذي أشرنا إليه.
قال قتادة عند ما جلس أمام الباقر عليهالسلام : لقد جلست بين الفقهاء فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامك.
قال له أبو جعفر الباقر عليهالسلام : «ويحك أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ...) (١) فأنت ثَم ونحن أُولئك».
وقال له قتادة : صدقت والله ، جعلني الله فداك ، والله ما هي بيوت حجارة ولا طين. (٢)
ثمّ إنّه لو فرضنا أنّ هذا الاحتمال لم يكن قطعياً في وقت نزول الآية ، ولكن بمرور الزمن تعيّن لفظ أهل البيت في معنى بيت النبوة ولا يوجد معنى آخر غيره يخطر في الذهن ، وكذلك الأمر الآن فإنّ الذي يخطر بالذهن هو هذا المعنى.
ج. تذكير الضمائر
حينما تحدّث القرآن الكريم مخاطباً زوجات النبي في سورة الأحزاب من
__________________
(١). النور : ٣٦.
(٢). فروع الكافي : ٦ / ٢٥٦.