قادر ، حيّ و ... ولكن هذه الصفات تتفاوت فيما بينها من حيث المفهوم ، فما نفهمه من لفظة عالم غير ما نفهمه من لفظة قادر. ولكن النقطة الجديرة بالبحث هي أنّ هذه الصفات متغايرة مفهوماً ولكنّها في الخارج متحدة وانّها جميعاً عين ذاته سبحانه.
فمثلاً علم الله عين ذاته ، وأنّ ذاته سبحانه علمٌ كلّها وفي نفس الوقت ذاته سبحانه عين قدرته ، وليس معنى ذلك أنّ واقع علمه سبحانه في ذاته شيء وواقع قدرته شيء آخر ، بل كلٌ منهما عين الأُخرى والجميع عين ذاته.
ولتقريب هذا المعنى الدقيق نشير إلى المثال التالي : من المعلوم أنّ كلّ واحد منّا مخلوق لله بينما هو أيضاً معلومٌ له سبحانه ، وصحيح أنّ مفهوم «المعلوم» غير مفهوم «المخلوق» ، ولكن في مقام التطبيق جميع وجودنا معلوم له ، وكذلك جميع وجودنا مخلوق له دون أن يكون معنى ذلك أنّ جزءاً من ذاتنا معلوم لله والجزء الآخر مخلوق له سبحانه ، بل كلّه معلوم لله في عين كونه مخلوقاً كلّه له ، ولكن في مقام المصداق كلّ صفة من الصفتين عين الأُخرى والمجموع عين ذاتنا.
الثالث : التوحيد في الأفعال
نحن نعلم أنّ هناك في عالم الطبيعة سلسلة من العلل والأسباب الطبيعية لها آثار خاصّة مثل الشمس والإشراق الذي هو أثرها ومعلولها ، والنار والإحراق الذي هو أثرها ومعلولها ، والسيف والقطع الذي هو أثره ومعلوله ، والتوحيد الأفعالي هو أن نعتقد بأنّ هذه الآثار مخلوقة هي أيضاً لله تعالى كما أنّ عللها مخلوقة له سبحانه.