القدرة الغيبية لآخر ، دون أن يُعدّ المخلوق خالقاً وأن يتصوّر استغناءه عن الله سبحانه وتعالى.
النظرية الوهابية
ثمّ إنّ الوهابيّين قالوا لو أنّ أحداً طلب من أحد أولياء الله ـ حيّاً كان أم ميّتاً ـ شفاء علّته أو ردّ ضالّته أو أداء دينه ، فهذا ملازم لاعتقاد السلطة الغيبية في حقّ ذلك الولي ، وأنّ له سلطة على الأنظمة الطبيعية الحاكمة على الكون ، والاعتقاد بمثل هذه السلطة لغير الله عين الاعتقاد بألوهية ذلك المسئول ، وطلب الحاجة في هذا الحال يكون مشركاً.
فلو طلب إنسان ظامئ الماء من خادمه ، فقد اتّبع الأنظمة الطبيعية لتحقيق مطلبه ، فلا يُعدّ ذلك شركاً ؛ أمّا إذا طلب الماء من إمام أو نبي موارى تحت التراب أو يعيش في مكان بعيد ، فإنّ مثل هذا الطلب ملازم للاعتقاد بسلطةٍ غيبية لهذا النبي أو الإمام بحيث يستطيع أن يوفر الماء للسائل من دون التوسّل بالأسباب والعلل المادية ، وهذا عين الاعتقاد بألوهية المسئول.
وممّن صرّح بهذا الكلام أبو الأعلى المودودي ، فإنّ عبارته تحكي عن ذلك ، حيث قال : صفوة القول إنّ التصوّر الذي لأجله يدعو الإنسان الإله ويستغيثه ويتضرّع إليه ، هو ـ لا جرم ـ تصوّر كونه مالكاً للسلطة المهيمنة على قوانين الطبيعة والقوى الخارجة عن دائرة نفوذ قوانين الطبيعة. (١)
مناقشة نظرية المودودي
إنّ أساس الخطأ الذي وقع فيه الكاتب أنّه تصوّر أنّ الاعتقاد بالسلطة
__________________
(١). المصطلحات الأربعة : ١٧.