الغيبية للأشخاص يُعدّ شركاً وثنويةً مطلقاً ، ولم يفرّق أو لم يرد أن يفرّق بين نوعين من الاعتقاد ، فلا شكّ أنّه يوجد فرق أساسيٌ بين الاعتقاد بالسلطة الغيبية المتكأة على السلطة والقدرة الإلهية وبين الاعتقاد بالسلطة المستقلة عن سلطة الله سبحانه ، والذي يُعدّ سبباً للشرك هو الاعتقاد الثاني دون الأوّل.
إنّ القرآن الكريم يذكر وبصراحة تامة أسماء عدد من الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بسلطةٍ غيبية وأنّ إرادتهم كانت حاكمة على القوانين الطبيعية.
وها نحن نذكر أسماء عدد من هؤلاء الذين صرح القرآن بامتلاكهم لتلك القدرة.
١. النبي يوسف عليهالسلام والسلطة الغيبية
لقد أمر يوسف عليهالسلام إخوته بقوله الذي حكاه عنه القرآن الكريم : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً ...* فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ...). (١)
إنّ ظاهر الآية يفيد أنّ رجوع البصر إلى يعقوب كان بإرادة يوسف ، وأنّه لم يكن فعلاً مباشرياً لله سبحانه ، وإنّ ما فعله يوسف كان بقدرة مكتسبة منه سبحانه.
ولو كان إشفاء يعقوب مستنداً إلى الله سبحانه مباشرة بلا دخالة يوسف ، لما أمر إخوته أن يلقوا قميصه على وجه أبيهم ، بل يكفي هناك دعاؤه من مكان بعيد ، وليس عمله هذا إلّا تصرّفاً لولي الله في الكون بإذنه سبحانه.
__________________
(١). يوسف : ٩٣ ـ ٩٦.