والتأمّل في خلق الإنسان والعالم. ثمّ إنّ الذين يمرّون على تلك الحوادث مرور الكرام ولا يولونها أهمية تذكر هؤلاء بعيدون كلّ البعد عن حقيقة وأهمية تلك الآيات القرآنية ، ولكن الذين يقفون عند كلّ صغيرة وكبيرة في هذا العالم ويولونها أهمية كبرى ويمنحونها قسطاً من التفكير والتأمّل حتّى لو كانت الحادثة من البساطة بدرجة سقوط تفاحة من شجرة ما في فضاء هادئ وبعيد عن أعين الناس فإنّهم يجنون نتاج هذا الفكر والاهتمام والاستفادة من تلك الحوادث ، فتكون النتيجة اكتشاف قانون يُعدّ من أهمّ القوانين العلمية والذي أصبح له الفضل الكبير في نتاجات أُخرى واكتشافات جديدة ، ألا وهو قانون الجاذبية ، الذي اكتشفه ذلك العالم المفكّر ، وكانت نقطة الانطلاق في هذا الاكتشاف العظيم سقوط تفاحة من شجرة قد شاهد مئات الآلاف ـ إن لم أقل أكثر من ذلك ـ هذه الظاهرة ولكنّهم مرّوا عليها مرور الكرام ولم يولوها أيّ أهمية تذكر.
التدبّر في آيات الذكر الحكيم
لقد حثّ الرسول الأكرم وأهل بيته عليهمالسلام على تلاوة القرآن الكريم لما لها من الثواب والفاعلية في سمو الروح ونقاء القلب ، ولكن من المسلم أنّ الهدف من هذه الدعوة لا ينحصر في ذلك ، بل الهدف النهائي المتوخّى من تلاوة القرآن الكريم أن تكون التلاوة مقدّمة للتدبّر في معاني القرآن الكريم ومفاهيمه السامية والعمل وفقاً لما ورد فيها من أوامر ونواهي وإرشادات ، بل القرآن يعتبر التدبّر هو أحد الأهداف المتوخّاة من نزول القرآن حيث قال سبحانه :
(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ). (١)
__________________
(١). ص : ٢٩.