العمل ـ أعني : طلب الشفاعة من أولياء الله ـ يشبه في ظاهره عمل المشركين واستشفاعهم بأصنامهم ، فهو تصوّر باطل بعيد عن الحقيقة ، لأنّ التشابه الظاهري لا يكون أبداً معياراً للحكم ، بل المعيار الحقيقي للحكم إنّما هو قصد الطالب وكيفية اعتقاده في حقّ الشافع ، ومن الواضح جدّاً أنّ المعيار هو النيّات والضمائر ، وأنّه لا مرية في أنّ اعتقاد الموحد في حقّ أولياء الله يختلف ـ تماماً ـ عن اعتقاد المشرك في حقّ الأصنام والأوثان.
فإذا كان معيار الحكم التشابه الظاهري ، فلا محيص من عدّ الطواف بالبيت ، ومسّ الحجر الأسود ، والسعي بين الصفا والمروة سبباً للشرك ، لأنّ هذه الأعمال تشبه بظاهرها أعمال المشركين ولا تختلف معها.
الوهابيّون وطلب الشفاعة
إنّ الوهابيّين يعتبرون مطلق طلب الشفاعة من أولياء الله شركاً وعبادة ويظنون أنّ القرآن لم يصف الوثنيّين بالشرك إلّا لخضوعهم وخشوعهم وتضرّعهم وبكائهم وعويلهم أمام تلك الأصنام وطلبهم الشفاعة منها ، كما يقول سبحانه :
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ ...). (١)
وعلى هذا فالشفاعة وإن كانت حقاً للشفعاء الحقيقيّين من أولياء الله إلّا أنّه لا يجوز طلبه منهم ، لأنّه عبادة.
إنّ الاستدلال بهذه الآية يمكن الإجابة عنه بوجهين :
__________________
(١). يونس : ١٨.