ذات الله سبحانه الذي وصف نفسه ومخلوقاته في القرآن الكريم :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ). (١)
وهذا يعني أنّ كلّ ما في الكون فقير ومحتاج ولا يوجد عامل أو فاعل في العالم وإن كان قوياً ومقتدراً ـ ولو كان أكبر من الشمس ألف مرة ـ فهو أيضاً محتاج وفقير ولا يستطيع أن يفعل شيئاً بدون الاتّكاء على القدرة الإلهية.
يتّضح من ذلك البيان وبصورة جلية أنّه يوجد في صفحة الوجود معين ومساعدٌ حقيقي واحد ، وأنّ الممكنات المستعانة به بحكم كونها فقيرة بالذات لا تستطيع أن تفعل شيئاً بدون الاتّكاء عليه ، وكذلك لا يستطيع موجود مهما أُوتي من قدرة أن يكون مانعاً من نفوذ إرادة الله القهّار ، إنّ الآية التالية ونظيراتها توضح لنا وبجلاء تلك الحقيقة :
(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً). (٢)
الاستعانة بغير الله
إنّ الاستعانة بغير الله يمكن أن تتحقّق بصورتين :
١. أن نستعين بعامل ـ سواء أكان طبيعياً أم غير طبيعي ـ مع الاعتقاد بأنّه مستند إلى الله ، بمعنى أنّه قادر على أن يعين العباد ويزيل مشاكلهم بقدرته المكتسبة من الله وإذنه سبحانه ، وهذا النوع من الاستعانة ـ في الحقيقة ـ لا ينفك عن الاستعانة بالله ذاته ، لأنّه ينطوي على الاعتراف بأنّه هو الذي منح تلك العوامل ذلك الأثر وأذن به وإن شاء سلبها وجرّدها منه ، فإذا استعان الزارع
__________________
(١). فاطر : ١٥.
(٢). الأحزاب : ١٧.