مجموعة من الأفراد الذين يجتمعون لغرض استماع خطبة أو محاضرة وبعد انتهاء الخطاب أو المحاضرة يتفرقون ، ولا ريب أنّ هذه الاجتماعات لا تخلق وحدة حقيقية أو مركباً حقيقياً أو صناعياً ، بل أقصى ما يوجد هو التركيب الذهني والفكري لا غير.
وقد يتصوّر انّ التركيب الاجتماعي هو تركيب ميكانيكي آلي ، وذلك باعتبار انّ التركيب الميكانيكي أو المركب الصناعي ، أحد أنواع المركّب الحقيقي وإن لم يكن طبيعياً ، فالمركّب الصناعي كتركيب الماكنة التي ترتبط جميع أجزائها وقطعاتها بعضها مع البعض الآخر مع وجود فارق واحد بين المركب الطبيعي والصناعي ، وهو انّه في المركب الطبيعي تفقد الأجزاء هويتها وتذوب في المركّب ، ولكن في المركّب الصناعي تحتفظ الأجزاء بشخصيتها وهويتها ، ولكنّها تفقد استقلاليتها أوّلاً ثمّ تفقد تأثيرها ثانياً ، إذ ترتبط الأجزاء فيما بينها في المركّب الصناعي بنحو تكون آثارها مرتبطة بعضها بالآخر فأيّ تحول في أحد الأجزاء سينعكس على الأجزاء الأُخر ، مثل كفّتي الميزان إذ التحوّل في أحدها يسبب التحوّل في الكفّة الثانية وبعد أن يتمّ التركيب الصناعي تظهر نتيجة وأثر خاص ليس هو عين أثر الأجزاء والقطعات بصورة مستقلة.
إنّ نفس هذا التصوّر ـ المركّب الصناعي ـ يمكن تصوّره في المركب الاجتماعي ، وذلك لأنّ المجتمع يتشكّل من مؤسسات وهيئات أصلية وفرعية تمثّل مفاصل المجتمع ، وترتبط هذه المؤسسات والأفراد بعضها بالبعض الآخر ، بحيث يكون التغيير أو التحوّل في أي مؤسسة ـ سواء كانت ثقافية أو دينية أو اقتصادية أو سياسية أو تربوية أو قضائية ـ موجباً للتحوّل والتغيير في المؤسسات الأُخرى ، وبهذا تظهر إلى الوجود ظاهرة جديدة هي الحياة الاجتماعية ـ باعتبار كونها أثراً