ومسئوليات علم «فلسفة التاريخ».
بعد أن اتّضح لنا الفارق الأساسي بين العلمين ، يلزم التعرّف على مفهوم «المجتمع» وتسليط الأضواء عليه.
إنّ أوّل بحث يطرح في المجتمع والتاريخ ، هو التعرف على معنى الحياة الفردية والحياة الاجتماعية ، وبعد التعرف على حقيقة هاتين الحياتين يتّضح وبصورة قهرية مفهوم «المجتمع».
إنّ الحياة الفردية في الحقيقة هي ما يقابل الحياة الاجتماعية حيث يتّخذ الإنسان لنفسه نمطاً من العيش يفتقر لجميع القوانين والسنن والبرامج وتوزيع الاحتياجات والمنافع ، بنحو يتحمّل كلّ إنسان مسئولية تلبية متطلّبات حياته بمفرده ويتحمّل مسئولية توفير كلّ ذلك بمعزل عن الآخرين ولم يستعن بأحد من الناس في كلّ ذلك ، وهكذا ينفرد لوحده بالمنافع التي يحصل عليها والثمار التي يجنيها من خلال جهوده ومثابرته.
إنّ هذا النمط من الحياة ـ وفقاً لرؤية العلماء ـ مخالف للطبيعة الإنسانية ولا بدّ للإنسان عاجلاً أم آجلاً أن يفلت من هذا النمط الحياتي ويولّي وجهه صوب الحياة الاجتماعية.
ففي الحياة الاجتماعية تكون للحياة ماهية اجتماعية وانّ حياة الأفراد تتمّ على أساس تقسيم الثروة والمنافع ، وانّ هذا التقسيم محكوم بسنن وقوانين لا يحق للأفراد تجاوزها ويجب عليهم العمل طبقها والالتزام بها.
إنّه في إطار التقسيم القائم على أساس الاحتياجات والمنافع تتولّد بين الأفراد وحدة في الفكر وفي الإيديولوجية والأهداف ، وفي الأخلاق والطبائع والخصال ، تربط الأفراد فيما بينهم بصورة أكبر بحيث تغرق الناس جميعاً في