حتى إذا قرب المسيح من الحمى |
|
ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع |
وغدت مفارقة لكل مغلّف |
|
عنها حليف الترب غير مشيّع |
سجعت وقد كشف الغطاء فأبصرت |
|
ما ليس يدرك بالعيون الهجع |
وغدت تعود فوق ذروة شاهق |
|
والعلم يرفع كل من لم يرفع |
فلأي شيء أهبطت من شامخ |
|
عال إلى قعر الحضيض الأوضع |
إن كان أهبطها الإله لحكمة |
|
طويت على الفطن اللبيب الأروع |
فهبوطها إن كان ضربة لازب |
|
لتكون سامعة لما لم تسمع |
وتعود عالمة بكلّ خفية |
|
في العالمين فخرقها لم يرقع |
وهي التي قطع الزمان طريقها |
|
حتى لقد غربت بغير المطلع |
فكأنها برق تألق بالحمى |
|
ثم انطوى فكأنه لم يلمع |
أنعم برد جواب ما أنا فاحص |
|
عنه فنار العلم ذات تشعشع(١) |
فتحصّل مما ذكرنا أن عالم الأرواح قبل الأجساد ثابت في آثار أهل البيت عليهمالسلام إجمالا ويعبّر عنه بعالم الأشباح والأظلة أيضا.
وبهذا يثبت تجرّد الروح وأصالتها وأنّها غير البدن.
النقطة الثالثة : في معرفة النفس والطرق المؤدية إليها :
إنّ معرفة النفس إحدى الطرق لمعرفة الخالق العظيم ، لأن النزوع إليه تعالى أمر فطري كامن في جبلّة الإنسان ، يشتد كلّما اشتدت عزيمته وتوجهه نحو المبدأ بحركة روحية جوهرية باتباع شريعة سيد المرسلين والأئمة المعصومين عليهمالسلام قال تعالى :
(وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) (الزخرف / ١٥).
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (البقرة / ١٥٧).
(وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) (الحجر / ٦٦).
فالمرء مأمور «بحسب فطرته» بالتوجه والسير نحوه تعالى ، فهو دائما بسيره
__________________
(١) لاحظ مصابيح الأنوار للسيد شبّر : ج ٢ ص ٣٧٥.